الحبر الأصفر
من نواصي أبي سفيان العاصي - 57
العِبَارَاتُ المُختَصرَة التي تَحْمِل مَعنَىً كَبيراً، عَرَفهَا التُّرَاث العَربي بشَكلٍ كَبير، لدَرجة أنَّ العَرَب أَسَّسوا -فِي القَرن الرَّابِع- فَنًّا أَدبيًّا يُسمَّى "فَنّ التَّوقيعَات"، والنَّواصِي التي بَين أَيديكم، هي مُجرَّد امتدَاد لِذَلِكَ الفَن. وإليكُم أَحدَثهَا:
* بالأَمس كُنتُ حَزيناً، والآن أَنَا سَعيد سَعَادَة تُلَامِس السَّمَاء, إنَّني مَسرورٌ كسرُور الطُلَّاب الكسَالَى؛ فِي يَومِ الخَميس..!
* لَا أَتَّبعُ سيَاسِة "خَالِف تُعرَف"، ولَكن إِنْ وُجِدَ خَطأ بالصّورَة أَو الكِتَابَة، فذَلك يُشجِّع النَّاس عَلَى الرَّد والأَخْذ والعَطَاء..!
* لَم أَكُن أُصدِّق أَنَّ الحَديث قَد يَتأثَّر بالغُبَار، حَتَّى سَمعتُ العَرَب تَقول: (هَذا الحَديث لَا غُبَار عَليه)..!
* لَا أُحبُّ أَنْ أَكُون "خَلوقاً جِدًّا"، لأنَّ هَذَا يَعنِي أَنَّني "سَيء جِدًّا"، فمَا زَاد عَن حَدّه انقلَب إلَى ضِدّه..!
* أُحَاول دَائِماً أَنْ أَعمَل، لأَنَّ العَمَل أَرخَص أَنوَاع الأَدويَة، وهو عِلَاجٌ فَعَّال يَطرد نَوبَات القَلَق والهمُوم..!
* أُريدُ تَقليل أَكلِي لَا عَقلِي، وأَحتَاج تَخفيف وَزنِي لَا فَنِّي، وأَتطلَّع إلَى تَقليص بَدنِي لَا سَكنِي، وأَتمنَّى التَّحكُم فِي طَعَامِي لَا أَحلَامِي..!
* أُريدُ مِن الدُّنيَا خَمس كَافَات: كَأسُ شَاي أَخضَر يُنعشُنِي، وكُوبٌ مِن المَاء يُبلِّل عرُوقِي، وكِتَابٌ يُجدِّد عَقلي، وكَرَامةٌ أَحيَا بِهَا، وكِتَابَةٌ أُعبِّرُ بِهَا عَن نَفسِي..!
* تَسَامرتُ فِي الدَّار مَع بَنَاتِ أَفكَاري، فقَالُوا: هَذه خُلوَة مُخلَّة، ولَابدَّ أَنْ تُحضِر لَهنَّ مَحْرَماً، لِذَلك جَعلتُ القَلَم هو المَحْرَم..!
* لِمَاذَا نَستَخدم "الوَاسطَة" فِي مَصَالِحنَا؟ ولَا نَستَخدم "الوَسطيَّة" فِي أَفكَارنَا..؟!
* نُدرِك جيِّداً التَّعريف العِلمِي والحَقيقي لكَلِمَة "مُشكِلَة"، ولَكنَّنا أَسرَفنَا فِي استخدَام عِبَارة: "مَا عِندَك مُشكِلَة"، فلَيتنَا نَتَخلَّص مِن هَذه العِبَارَة..!
* زَارني شَيطان الشِّعر، فقُلت:
الصُّبحُ مصبَاحُ الأَمَانِي كُلّهَا
فازْرَعْ طمُوحكَ عِندَ كُلِّ صَبَاحِ!
* يَقُولُون: "القَانُون لَا يَحمي المُغفَّلين"، وأَنَا أَقول: إنَّ القَانُون جَاء لحمَاية المُغفَّلين، أَمَّا الأَذكيَاء فيَحمون أَنفُسهم..!
* كُلُّ شَيءٍ يَنمُو ويَتغيَّر.. حَتَّى الكَلَام الذي كُنَّا نَتنَاقله بالوَشوَشَة والهَمْس، أَصبَحنَا نَتدَاوله بالحَرَكَات واللَّمْس..!
حَسنًا.. مَاذَا بَقِي؟!
بَقِي أنْ نُودِّعكُم؛ لنَلقَاكُم في النَّواصِي القَادِمَاتِ، عَبرَ الجُمَلِ والكَلِمَات..!!
أحمد عبدالرحمن العرفج
T: Arfaj1
Arfaj555@yahoo.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق