الجمعة، 13 ديسمبر 2019

الخلل الكامن في عبارة "أحبك ولكن"!


الحبر الأصفر
الخلل الكامن في عبارة "أحبك ولكن"!

لَديَّ قَنَاعَة تَامَّة أنَّ التَّشَاؤم هو مَنهج مِن مَنَاهِج التَّفكير، كَمَا أَنَّ التَّفَاؤل والإيجَابيَّة هُمَا أَيضًا مِن طَرَائِق التَّفكير.. وحَتَّى تَتَّضح الأمُور، دَعونَا نَضرب الأَمثِلَة؛ ونَطرحهَا بَين السّطُور:
قَبل أَيَّام، كَتبتُ نَاصية صَبَاحيَّة أَقول فِيهَا: (فِي هَذا الصَّبَاح، اختَرعتُ نَظريّة اسمهَا "أَولَاد لَكن"، وأَقصد بِهم؛ أُولَئك الذين يُفكِّرون بالعَقَبَات والعَواقِب والجَوَانِب السَّلبيَّة، قَبل أَنْ يَبدَأوا بالعَمَل. خُذ الأَمثِلَة عَلَى هَذه الشَّرَائح مِن "أَولَاد لَكن". يَقول أَحدُهم: "إنَّني أُحب نَشر ثَقَافة القِرَاءَة، ولَكن المُشكِلَة أَنَّ النَّاس لَا يَقرأون". ويَقول الآخَر: "يَا أَخي جُدَّة حُلوَة، ولَكنَّها حَارّة، وفِيهَا رطُوبَة". ويَقول الثَّالِث: "والله يَا "أحمد"؛ إنَّني أُحب المَشي، ولَكنِّي لَا أَجد الوَقت". ويَقول الرَّابِع: "إنَّني أَرغبُ فِي الكِتَابَة، ولَكنَّني أَخَاف مِن النَّقد")..!
تَأمَّلوا مَعي النَّاصية السَّابِقَة، ستَجدون أَنَّ "أَولاد لَكن"؛ يُفكِّرون بالعَوَائِق والجَوَانب السَّلبيَّة، وهَذا التَّفكير يَمنعهم مِن البَدء فِي العَمَل، ولقَد انتبَه إلَى مِثل هَذه العَقبَات؛ أُستاذ الإدَارَة "براين كريسي" حِينَ قَال: (إذَا حَلمتَ بشَيء، فسيُمكنك تَحقيقه، مَا يَمنَعك عَنه هو تِلك الحَوَاجِز دَاخِل عَقلك)..!
إنَّني أَتفهَّم مُهمّة حَرف "لَكن" عِندَ العُقلَاء، فهُم يَطرحون العَوَائِق والعَقَبَات، لَيس مِن أَجل الاختفَاء وَرَاءهَا، بَل مِن أَجل إبرَازهَا ومُوَاجهتهَا، والبَحث عَن الحلُول التي تُحلحلهَا.. إنَّهم يُدركون المَخَاوف النِّظَاميَّة، والاعتبَارَات المَنطقيَّة، التي قَد يَتصوَّرها الإنسَان، وهي مَخَاوف مَقبُولة ومَشرُوعَة، يَضعهَا الإنسَان فِي الحُسبَان، حَتَّى يَستَعد للتَّعَامُل مَعهَا، حِينَ ظهُورهَا، ولكَي أُعطيكُم مِثَالاً عَلَى هَذه الصّورَة، استَشهدُوا بمَقولة لأَحَد أَصدِقَائي، حَيثُ أَتَانِي ذَات يَوم، وقَال: "يَا أحمد، أُريد السَّفَر إلَى أُوروبَا، ولَكن الأَمر يَحتَاج إلَى فِيزا، وأَنَا الآن بصَدَد استخرَاج الفِيزَا، وإحضَار المُستندَات المَطلُوبَة للحصُول عَليهَا"..!
حَسنًا.. مَاذَا بَقي؟!
بَقي القَول: إنَّ كَثيراً مِن الفَشَل الذي يُصيب النَّاس، أنَّهم يَختَبِئُون خَلف حَرف "لَكن"، فهُم يَطرَحُون مَا يُريدُون، ثُمَّ يَضعُون العَوَائِق. ورَحِمَ الله أَهل الإنجلِيز، حَيثُ قَالوا فِي أَمثَالهم: (Give me after but وتَعني: أَعطِني مَا بَعد "لكن")، لأنَّ مَا قَبل "لَكن" لَا قِيمة لَه، وذَكره المُتحدِّث مِن أَجل أَنْ يَنسفه..!
يَا قَوم، كَثيرٌ مِِن الفَشَل؛ يَأتي مِن طَريقة التَّفكير، ولقَد صَدق شَيخ الإدَارَة وعَرّابها الأُستَاذ "بيتر دراكر" حِينَ قَال: (الفَشَل لَا يَشدّك إلَى الخَلْف، بَل الخَوف مِن الفَشَل؛ هو الذي يَشدّك ويَشلّ حَركتك)..!!

أحمد عبدالرحمن العرفج
T: Arfaj1
Arfaj555@yahoo.com


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

لكُلِّ مثابرٍ نصيب.. مِن دأب النجيب!