الجمعة، 13 ديسمبر 2019

هل من الحكمة والذكاء.. رفع فواتير الماء؟!


الحبر الأصفر
هل من الحكمة والذكاء.. رفع فواتير الماء؟!

قَبل أَيَّام، طَالَبْتُ فِي بِرنَامِج "يَا هَلَا بالعَرفَج"، والذي يَأتِي مَسَاء كُلّ أَربعَاء؛ عَلَى قَنَاة "روتانا خليجيَّة"، برَفع وزيَادة فَواتير الميَاه، مِن بَاب المُحَافَظَة عَليهَا، ولَم تَكد الحَلقَة تَنتَهي، حَتَّى جَاءَني سَيلٌ مِن المُعَارِضين، وسَيلٌ مِن المُؤيِّدين، لِذَلك سأَنتَقي رِسَالَة مِن أَكَادِيمي قَدير، وأُستَاذ جَامعي نَبيل، هو الصَّديق الدكتور "حسن جابر الفيفي"، لِنَشرهَا، وهَذَا نَص الرِّسَالَة:
(عَزيزي د. أحمد، فِي بِرنَامج يَا هَلَا بالعَرفج، سَمعتُكَ تَقتَرح رَفع تَسعيرة الميَاه بنِسبة 30%، للحَدِّ مِن هَدر الميَاه، ثُمَّ رَدّ عَليك الأُستَاذ "مفرح الشقيقي"؛ مُقدِّم الحَلقَة، بأنَّه يَرجو ألَّا تَزيد رِيَـالاً. لَفَتَت هَذه اللَّقطَة نَظري؛ إذ يَجد كَثير مِن العُقلَاء أَنفسهم بَين سِندَان الوَاجِب، ومَطرقة المُجتَمع. فالعُقلَاء والسَّاسَة والعُلمَاء حَول العَالَم، يَعرفون خطُورة تَصرُّف مُعيَّن، ولَكنَّهم قَد لَا يَقتَرحون الحلُول، لأنَّ المُجتمَع قَد يَشنّ عَليهم حَملَة شَعوَاء. فهُم بَين وَاجِب الضَّمير والمَسؤوليَّة، وبَين الخَوف مِن الإرهَاب المُجتَمعي. وأَنَا لَا أَلوم الأُستَاذ "الشقيقي"، فلَو كُنتُ مَكانه فَقَد أَقول بقَوله. بَل إنَّ اقترَاحك -يَا دكتُور- نَفسه؛ كَان خَافِتاً ومُتوَاضِعاً، بدَليل أَنَّك أَعلَنتَ؛ عَدم جدِّيتك فِي الاقترَاح، وإنَّما طَرحتَه للتَّخويف، ولإظهَار حَجم المُشكِلَة..!
فِي مَارس 2018، نَشر مَوقع "دويتشه فيله" (Deutsche Welle)، المُختَصر بـ(DW) الإعلَامي الأَلمَاني، تَقريراً بعنوَان: (مُستقبَل الأَمن المَائِي العَربي.. كَارثة يُمكن تَفَاديهَا)، جَاء فِيهِ: (أَنَّ مَعهد المَوَارِد الدَّولي ومَقرّه وَاشُنطن، صَنّفَ فِي تَقرير صَدَر فِي 2015، أَكثَر مِن 33 دَولة مُتضرِّرة مِن نَقص المَوَارِد المَائيَّة، وبالطَّبع، تَصدَّرت دول الخَليج تِلك القَائِمَة..! المَقَال طَويل، وفِيهِ تَفَاصيل مُرعِبَة، ولَكن عَلَى الرَّغم مِن أَهمّيته، فنَحنُ نُدرك، بدونهِ، أَنَّ دَولةً لَا يُوجد فِيهَا أَنهَار، ولَا بُحيرَات عَذبة، مَع تَزايُد كَبير فِي عَدَد السُّكَّان والمُنشآت، وإهدَار هَائِل للميَاه، لَن تَكون بخَير عَلَى المَدَى القَريب. فمَدينة الرِّيَاض مَثلاً، التي يَقترب عَدَد سُكَّانها مِن 6 مَلايين نَسمة، تَقع وَسَط صَحرَاء، ومَصدرهَا الأَهم للميَاه العَذبة، هو ميَاه مُحلَّاة قَادِمَة مِن أنبوب فِي الخَليج، وهَذا الشُّريَان لَيس مَضمونًا مَدَى الحيَاة، فلَو حَدَثَت حَرب -لَا قَدَّر الله-، فيَكفي أَنْ يُصَاب هَذا الأَنبوب، ليَموت المَلَايين عَطشًا، دُون رُصَاصة وَاحِدَة..!
رَفع تَسعيرة الميَاه 500%، لَن يُوقِف الكَارِثَة، ولَكنَّه قَد يُؤجِّلها، إلَى حِين البَحث عَن حلُول أَكثَر نَجَاعَة..!
وإذَا كَانت الجِهَات المَسؤولَة، حَريصَة عَلَى مَصلَحة الوَطَن والمُوَاطِن، وعَلَى إيقَاف العَدو فِي الوَقت نَفسه، فلتَرفَع فَوَاتِير الميَاه، وتُخفِّض فَوَاتير الكَهربَاء وبَعض الخَدمَات الأخرَى، لتَضمن سَلَامة جِيب المُوَاطِن، والحَدّ مِن الهَدر. فلَيس مَعقُولاً أَنْ يَكون المَاء أَرخَص بكَثير مِن النَّفط..!
النَّاس يَتضرَّرون مِن انعدَام النَّفط والكَهربَاء، ولَكنَّهم لَا يَمُوتون إلَّا إذَا نَفِدَ المَاء! ولَن يَتقلَّص الهَدر ويَتوقَّف؛ إلَّا كَمَا تقلَّصت الحَوَادث المرُورية، باستخدَام نِظَام سَاهِر، الذي قَلَّل مِن الحَوَادِث، وحَدَّ مِن مَجَازر الطُّرق بشَكلٍ لَا لَبس فِيهِ..!
التَّفكير فِي المَال المَدفوع يَكون جَدْيًا وعَامًا، والتَّفكير فِي التَّوعيَة والإخلَاص مَحدُود جِدًّا).. انتَهَت الرِّسَالَة!!
حَسنًا.. مَاذَا بَقي؟!
بَقي القَول: هَذا مَا لَدينَا، فمَاذَا لَديكم أيُّها القُرَّاء والقَارِئَات..؟!!

أحمد عبدالرحمن العرفج
T: Arfaj1
Arfaj555@yahoo.com


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

لكُلِّ مثابرٍ نصيب.. مِن دأب النجيب!