الجمعة، 13 ديسمبر 2019

المحاذير والنواهي في سيرة المقاهي


الحبر الأصفر

المحاذير والنواهي في سيرة المقاهي


كغَيري مِن الكُتَّاب؛ تَأتيني عَشرَات الرَّسَائِل كُلّ يَوم، بَعضهَا تَحمل الإعجَاب والتَّقدير، وبَعضهَا تَحمل استفسَارَات، أَو إيصَال نِدَاءَات مِن النَّاس إلَى المَسؤول، أَو العَكس، مِِن المَسؤول إلَى المُوَاطِن..!
والكَاتِب الذي قَرَّر أَنْ يَكتُب فِي صَحيفةٍ يَوميَّة، مِن الجيِّد أَنْ يَحمل عَلَى عَاتقه؛ مَا يَستَطيع مِن همُومِ النَّاس، لكَي يُقدِّمها إلَى المَسؤولين، وهَذا هَدفٌ مِن أَهدَاف الصَّحَافَة، عِندَما أُنشِئَت فِي أوّل أَمرهَا..!
وهَذه رِسَالَة وَصلَتني؛ مِن كَاتِب وزَميل لِي فِي صَحيفة الوَطَن، وهو الأُستَاذ "خالد الصالح"، يَقول فِيهَا:
(عَامِل المَعرفَة الدّكتور "أحمد العرفج".. السَّلَام عَليكم ورَحمة الله:
فِي لِقَاءٍ سَابِق لَك عَلَى قَنَاة "رُوتَانَا"، مَع الإعلَامي "خالد العقيلي"؛ أَبديتُ امتَعَاضك مِن قَرَار نَقل مَقَاهي الشِّيشَة؛ إلَى خَارِج النِّطَاق العُمرَاني. شَخصيًّا أَتَّفق مَعك مِن نَاحية المَبدَأ، إلَّا أَنَّ وَضع أَكثَر مَقَاهي الشِّيشَة –حَالياً- مُزرياً، كَمَا شَاهدنَا مِن جَولَات وزَارة التّجَارَة عَليهَا، سَواء تَدنِّي مُستَوَى النَّظَافَة فِيهَا، أَو رَدَاءة أَدوَات الشِّيشَة..!
لَديَّ فضُول لمَعرفة أَسبَاب امتعَاضك؛ مِن وجُود مَقَاهينَا بَعيداً عَنَّا، وعَن بَقيّة الأَنشِطَة التُّجَاريَّة الأُخرَى، وفِي حَال كُنتَ مَع مَطَالب تَكثيف الرِّقَابَة عَليهَا، وإيجَاد بَديل آخَر قَريب، فهَل تُؤيِّد وجُودهَا دَاخِل المَطَاعم والفَنَادِق، أَي فِي أَمَاكِن صحيَّة ونَظيفَة؛ تَحت إشرَاف الجِهَات المَسؤولَة..؟!
أُحيطَك عِلماً؛ بأنَّني لَم أَعُد مِن مُحبِّي مَقَاهي الشِّيشة، ولَا أَذهَب إليهَا سُوَى لمُجَاملة بَعض الأَصدقَاء، أَمَّا بَعد مُخَالفات النَّظَافَة التي شَاهدناها مُؤخَّراً، مِن خِلال الحَملَات التَّفتيشيَّة، فإنِّي سأُفكِّر أَلف مَرَّة قَبل دخُولهَا..!
ولَكن، هَل سأَدخلهَا فِيمَا لَو خصّص لَهَا أَمَاكن رَاقيَة، أُسوةً بمُدن العَالَم، أَعتَقد نَعم، لَيس حُبًّا بالشِّيشَة، بقَدر حُبِّي للاجتمَاع مَع الأَصدقَاء، الذين لَا يَكَادوا يَنفكّون عَنهَا، كَونهَا بَاتَت صِلَة رَبط لكَثيرٍ مِن الأَصدِقَاء والمَعَارِف، وتَجعلنَا اجتمَاعيين فِي هَذا العَصر..!
أُشير هُنَا إلَى أنَّني أَعرف الكَثير مِن الأَصدِقَاء الإعلَاميين، الذين لَا يُحبِّذون الاقترَاب مِن مَقَاهي الشِّيشَة بصُورتهَا الحَاليَة، مَع أَنَّهم مِن مُدخِّني الشِّيشَة، لأنَّهم يَرونهَا أَمَاكن غَير لَائِقَة لمَظهرهم وطَبيعة عَملهم..!
أَتشوَّق لمَعرفة رَأيك.. دُمتَ فِي حِفظ الرَّحمن). (انتَهَت الرِّسَالَة)!
وإذَا كَان لِي مِن تَعليق، فسأَقول: يَعرف القَاصي والدَّاني؛ أنَّني مِن المُتشدِّدين فِي قبُول التَّدخين، والشِّيَش والمعسّلات، وكُلّ مَا يَمتّ إلَيهم بصِلَة، ولَكن هَذا الرَّفض؛ لَا يَعنِي تَجَاهُل الوَاقِع، أَو مُحَاولة التَّحَايُل عَليه..!
إنَّ إخرَاج المَقَاهي خَارج المُدن، هو مِثل مَن لَديه وَلدٌ شَقي؛ يُؤذي أَولَاد حَارته، فيَطلب مِنه الأَب أَنْ يَذهب إلَى الحَارَة الأُخرَى، فيَنتَقل أَذَاه إلَى هُنَاك.. وهُنَا الأَب لَم يُعَالج قَضية الإيذَاء، بَل سَاعَدَ عَلَى نَقل الأَذَى مِن مَكانٍ إلَى مَكان، هَذه نُقطة. أَمَّا النُّقطَة الأُخرَى، فمِن الجيِّد نَشر التَّوعية بَين النَّاس، وإخبَارهم بمَضَار التَّدخين والمعسِّلات، أَفضَل مِن إبعَادهَا خَارج المُدن، وكَأنَّنا نُعَاقِب المُدخِّن ثَلَاث مَرَّات، مَرَّةً بإهدَار وَقته، ومَرَّةً بإهدَار مَاله، ومَرَّةً بإهدَار صحّته..!
إنَّ المُدخِّن فِي نهَاية الأَمر، هو شَخص مُبتَلَى، ويَجب أَنْ نَنظُر إليهِ مِن هَذه الزَّاوية، لَا مِن بَاب القسوَة عَليه، وإبعَاده وطَرده خَارج المَدينَة، كنَوعٍٍ مِن التَّأديب لَه..!
حَسنًا.. مَاذَا بَقي؟!
بَقي القَول: إنَّني أَتمنَّى مِن البَلديَّات؛ أَنْ تُعالج مِثل هَذا الأَمر، لَيس بإخرَاج المَقَاهي خَارج المُدن، وإبعَادهَا عَن العيُون والأَنظَار، حَيثُ إنَّ هَذا الإبعَاد يُسَاعد البَعض عَلَى تَعَاطي المُخدَّرات، وضيَاع أَوقَات النَّاس. نَعم، إنَّني أَتطلَّع إلَى تَنظيمٍ جَاد، وحَيوي وفعَّال، يَحفظ للمُدخّنين والمُدخِّنَات حقُوقهم، ويَحمينَا نَحنُ الذين لَا نُدخِّن، ولَا نَتعَاطَى المعسِّل، بحَيثُ يَكون الأَمر وَسطاً، يَشمَل التَّوعية، ويَشمَل التَّضييق، ويَشمَل أَيضاً المُرَاقَبَة، وهَذَا هو المُتّبع فِي كُلِّ دوَل العَالَم، فلَيس هُنَاك بَلديَّة فِي العَالَم، حَاوَلت أَنْ تُخرج المَقَاهي خَارج المُدن، كحَلٍ مِن الحلُول، وإنَّما ضَيّقت عَلَى المُدخِّن مِن خِلال رَفع الرّسُوم، ومِن خِلَال مَنع التَّدخين فِي الأَمَاكِن المُغلَقَة..!!

أحمد عبدالرحمن العرفج
T: Arfaj1


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

لكُلِّ مثابرٍ نصيب.. مِن دأب النجيب!