الجمعة، 13 ديسمبر 2019

هل الكتابة سخطٌ وكآبة؟!


الحبر الأصفر
هل الكتابة سخطٌ وكآبة؟!

الكِتَابَة شَكلٌ مِن أَشكَال الرَّفض والاحتجَاج، هَذا مَا تَسرَّب إلَى ذِهن بَعض الكُتَّاب؛ حِينَ بَدأُوا يَتعَامَلون مَع الوَرقَة والقَلَم، ولَكن مِن أَين جَاءُوا بهَذا المَبدَأ؟، أَعنِي مَبدَأ الاحتجَاج والرَّفض، الذي طُرِحَ مِن الكَاتِب والمُفكِّر: "زكي نجيب محمود"، حَيثُ جَاء فِي كِتَابه: "جَنّة العَبيد"، أَنَّ الكَاتِب يَجب أَنْ يَكون سَاخِطاً بوَعيٍ، عَلَى مُشكِلةٍ أَو قَضيَّةٍ؛ يُعَاني مِنهَا المُجتمَع، فهَذا أَدْعَى أَنْ يَجعَل الكَاتِب مُتحمِّساً فِي طَرحه..!
ومِن طَبيعة الكِتَابَة عمُوماً، أنَّها فِعل مُعَارَضَة، تِلك المُعَارضة التي تُعالِج القَضَايَا الاجتمَاعيَّة، والمُعَارضَة هُنَا لَا تَعني المُعَارضة السِّيَاسيَّة، بَل تَعنِي المُقَاومَة والمُمَانَعَة فِي وَجه المُشكِلَات، بِمَا يَخدم المُجتمع، ويَرفع مِن شَأنه..!
ويَقول المُفكّر "زكي محمود" أَيضاً: (إنَّ الكَاتِب يُشبه الفَأر؛ الذي هَدمَ سَدّ مَأرب، فهو يَبحَث عَن الفَجوَات فِي الهَيكل الاجتمَاعي، الذي غَالِباً مَا يَكون ظَاهريًّا، مُعتداً بنَفسه، نَافياً عَنها أيَّة نَقيصَة أَو عَيب)..!
إلَى أَنْ يَصل لنَتيجَة مَفَادهَا: (أنَّ الرَّأي العَام الذي يُخَاطبه كَاتِب المَقَالَة، هو المُجتَمَع بعَينه، والمَقَالَة هِي أَكثَر أَدوَات التَّعبير تَأثيراً فِي الرَّأي العَام، وهي التي تُشكِّل -غَالِباً- إجمَاعاً فِي هَذا المُجتَمع؛ حَول قَضيَّة بعَينهَا، وتُوجِّه الكُتلة البَشريَّة لاتخَاذ هَذا المَوقف أَو ذَاك، ولِذَلك يَبدو للكَثيرين؛ أَنَّ الكَاتِب يَقوم بعَمليّة تَخريب، مِن خِلال مَا يَطرحه مِن أَفكَارٍ وقَضَايَا، وهو بهَذا المَعنَى "صَحيح"، ولَكنَّه "تَخريب خَلَّاق"، إذْ يَقوم الكَاتِب؛ بالضَّغط عَلَى الخُرّاج المَرضِي فِي المُجتمَع، ويَنبش فِي فَجوَات الهَيكل الاجتمَاعي، كَي يَرَى المُجتَمع "ذَاته المَريضَة" التي يُخفيها، ليَقوم بالتَّالِي بعلَاجهَا)..!
حَسنًا.. مَاذَا بَقي؟!
بَقي القَول: يَا قَوم، هَذا رَأي الدّكتور "زكي نجيب محمود"، وأَعتَقد أَنَّ رَأيه انتقَل مِن المَقَالَة إلَى "تويتر"، لأنَّ كميّة السَّخَط والتَّذمُّر، تَظهَر فِي "تويتر"، أَكثَر مِن ظهُورهَا فِي أَي مَكَانٍ آخَر..!!

أحمد عبدالرحمن العرفج
T: Arfaj1
Arfaj555@yahoo.com


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

لكُلِّ مثابرٍ نصيب.. مِن دأب النجيب!