الجمعة، 13 ديسمبر 2019

عاد الهوى عاد في البولفارد


الحبر الأصفر
عاد الهوى عاد في البولفارد

صَعَّدت الهَيئَة العَامَّة للتَّرفيه (@GEA_SA) -عَبر رَئيسهَا وشُعلة نَشَاطها؛ مَعَالي المُستشَار "تركي آل الشيخ"- مُفرَدة "بولفارد" إلَى الجِهَاتِ الأَربَعَة، وجَعَلَت هَذه الكَلِمَة؛ مَطروحَة فِي سُوق تَداول الأَلفَاظ اليَوميَّة، الأَمر الذي جَعَلَ الكَثير مِن النَّاس يَتّصل عَليَّ، أَو يُراسلني، بوَصفي "جَاحِظ القَرن العِشرين" –أَمزَح طَبعاً-، لشَرح مَعنَى كَلِمَة "بولفارد"، ودَلَالتهَا اللُّغويَّة واللَّفظيَّة..!
فِي البِدَايَة، تَجَاهلتُ السُّؤَال، نَظراً لأنَّني لَا أَمتَلك العِلم الكَافي للإجَابَة، ولَكن بَعد إلحَاح أُسرتي السّنَانيَّة عَليَّ؛ للإدلَاء بالإجَابَة، بَدأتُ أُنقِّب وأُفتِّش عَن الجَذْر اللُّغوي، والأَسَاس لهَذه اللَّفظَة، فوَجدتُ أنَّها كَلِمَةٌ مِن أصُول هُولنديَّة، تَتكوَّن مِن مَقطعين هُمَا: بولي (bole)، يَعني "عَارضة خَشبيَّة"، وفار (voerk) وتَعنِي "الكِتَاب"، أَي: "العَارضَة الخَشبيَّة للكُتب"، ثُمَّ تَحوَّل المَعنى -مَع الوَقت- إلَى أَنْ أَصبَح  "جَادَة" -كَمَا تَقول العَرَب-، أَو "شَارعٌ عَريض" تَكتَنفه الأَشجَار، أَو طَريق مشجَّر، ولَكنَّه قَطْعاً لَيس "سِكَّة"، التي تُوصَف أَحيَانًا بسِكَّةِ التَّائِهين..!
وقَد انتَشَر مُصطَلح "البولفارد"، وتَحوَّل مِن الأَمَاكِن العَاديَّة، إلَى أَنْ أَصبَح رَمزاً بحَدِّ ذَاته، حَيثُ نَجد أَنَّ مُدن العَالَم الكَبيرَة؛ تَحتَوي عَلَى مَا يُسمَّى بـ"البولفارد"، فهُنَاك البولفارد فِي فَرنسَا، الذي يُطلَق أحيَانًا عَلَى "الشَّانزلزيه"، وهُنَاك بولفارد فِي إيطَاليا، وفِي أَمريكَا، وفِي كُلِّ العَواصِم والمُدن الكَبيرَة، والآن جَاء دور الرِّيَاض؛ عَروس المَدَائِن، لتَحتَضن مِثل هَذا الشَّارع المُثير..!
إنَّ البولفارد فِي أَبسَط مَعَانيه، هو جَادَة تَم تَعريضهَا، ويَتكوَّن غَالِباً مِن حَارَاتٍٍ مُتعدِّدة، ويَفصل بَين طَريق الذِّهَاب وطَريق الإيَاب، فَاصلٌ كَبير، وعَادةً، البولفارد يَكون للمُشَاة، ولَيس لغَيرهم.. وهَذا مَا نُلاحظه فِي كُلِّ شَارع؛ يُطلق عَليه بولفارد فِي أَنحَاء العَالَم..!
حَسنًا.. مَاذَا بَقي؟!
بَقي القَول: هَذا هو المَعنَى المُختَصَر لكَلِمَة البولفارد، وإنْ سَأَلَني بَعض البولفارديين والبولفاريادت؛ عَن الفَرق بَين "الآفنيو" و"البولفارد"، سأَقول: "الآفنيو" هو طَريق مُستَقيم، يَمتَد عَلَى جَانِبَي خَط مِن الأَشجَار، أَو الشُّجيرَات القَصيرة، بَينَمَا "البولفارد" عِبَارَة عَن طَريق؛ تَم تَعريضه إلَى أَكبَر حَد، ويَكون باتِّجَاهين، بحَيثُ يَرَى الذَّاهِب الآيب، ويَرى الآيب الذَّاهِب، وهو جَادَةٌ تَصلح للتَّنزُّه والتَّمتُّع، ومُمَارسة رِيَاضة المَشي، فشُكراً لهَيئة التّرفيه، التي أَوجَدَت مَكَاناً جَديداً، لكَي نَمشي فِيهِ؛ ونَحنُ مُتزوِّدين بالمُتعَة، والسَّعَادَة، ورُؤية النَّاس..!
وأَجمَل مَا قِيل فِي ظَاهرة البولفارد فِي مُوسم الرِّياض (@RiyadhSeason)، هو مَا جَاء فِي قصّة شَيخنا "أبوسفيان العاصي" مَع أَحَد طُلَّابه، عِندَما سَأله: هَل زُرتَ الرِّيَاض؟، قَالَ: نَعَم، قَال: هَل ذَهَبْتَ إلَى البولفارد؟، قَالَ: لَا، قَالَ: إذاً لَم تَزُر الرِّيَاض حَتَّى الآن..!!

أحمد عبدالرحمن العرفج
T: Arfaj1
Arfaj555@yahoo.com


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

لكُلِّ مثابرٍ نصيب.. مِن دأب النجيب!