الحبر الأصفر
ها أنا بالسرِّ أبوح.. المعنى حياة الرُّوح!
فِي الحيَاة، قَد تُشَاهِد شَخصاً مَفتُوناً بمَزرعتهِ، حَيثُ يُنفِق
عَليهَا أَكثَر أَموَاله، ويُعطِيهَا أَغلَب وَقته، ومَع هَذا لَا تَردّ لَه المَزرَعة؛
إلَّا القَليل مِن الفَائِدَة والرِّبح، وتَجد أَهله يَقُولُون: (لَيتَ فُلَان
يَبيع المَزرَعَة ويَرتَاح، لأنَّه لَم يَجنِ مِنهَا إلَّا الخسَارةِ والتَّعَب)..!
إنَّ مَن يَقُولُون هَذَا الكَلَام، لَا يَعرفُون مَعَانِي الحيَاة
الحَقيقيَّة، تِلك المَعَانِي التي لَا تَربط العَمَل بالرِّبح، بَل تَربط العَمل
بتَحقيق الذَّات، وإعطَاء مَعنَى للحيَاة..!
إنَّ هَذا المُزَارع الذي يَتلهَّف كُلّ صَبَاح، أَو كُلّ عَصريَّة،
للذِّهَاب إلَى مَزرعتهِ، يَشعر أنَّ هَذه المَزرَعَة؛ تُعطِي المَعنَى لحيَاتهِ،
وتُشعره بقِيمة نَفسهِ، بغَضِّ النَّظَر عَن المَردُود المَالِي، أَو المَكَاسِب
التي يَجنيهَا مِن وَرَاء هَذا الحَقْل، وهو يَعرف -قَبل غَيره- أَنَّ صَندوق الطَّمَاطِم
الذي يَزرعه عَامًا كَامِلاً، يُمكن أَنْ يَشتَريه مِن السّوق بـ10 رِيَالَات، ولَكنَّه
يَبذل وَقته فِي المَزرَعَة ويَتعب؛ مِن أَجلِ أَنْ يُعطي قِيمة لنَفسهِ، ومَعنَى
لحيَاتهِ..!
إنَّ كَثيراً مِن النَّاس يَقُولُون لِي: "أَنتَ تُضيّع وَقتك فِي
نَشر ثَقَافة القِرَاءَة، فالنَّاس لَا تَقرَأ، والقِرَاءَة لَيسَت مِن الأَفعَال
التي تُحبّها الجَمَاهير، فابحَث عَن هِوَايَة جَمَاهيريَّة تَجلب لَكَ النَّاس،
وتُحقِّق لَكَ المَردُود الكَبير"..!
إنَّ مَن يَقُولون هَذا الكَلَام، يَقيسون الحيَاة بالكَمِّ ولَيس
بالكَيف، فأَنَا أَشعُر بقِيمَتي، عِندَما أَتلقَّى كُلّ صَبَاح؛ رِسَالة مِن شَابٍ
أَو فَتَاة، يَقولَان فِيهَا: "شُكراً لأنَّك شَجّعتنَا عَلَى القِرَاءَة"..!
حَسنًا.. مَاذَا بَقي؟!
بَقَي القَول: إنَّ الرَّجُل الذي يَذهب كُلّ يَوم ليَشتري برِيَـال
صَامولي لأُسرتهِ، يَعرف القِيمَة الكَبيرَة التي يَتطلَّع إليهَا؛ بإضفَاء المَعنَى
الذي يُشعره بالامتنَان عَلَى النِّعَم العَظيمَة.. تِلكَ المَعَانِي التي يَبني
بِهَا المُتفَائِلون؛ صَرْح الأَمل طُوبَة طُوبَة..!!
أحمد عبدالرحمن
العرفج
T: Arfaj1
Arfaj555@yahoo.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق