الجمعة، 13 ديسمبر 2019

الاحتماء بالأعذار.. ليس من شِيَم الأخيار


الحبر الأصفر
الاحتماء بالأعذار.. ليس من شِيَم الأخيار

يَضمُّ التُّرَاث العَربي، الكَثير مِن الوَصَايَا التَّربويَّة، والمَلَامِح التَّعليميَّة، التي تَقرأهَا فتَتأمَّلها طَويلاً، وتَسأَل نَفسك: كَيف لأَهل القرُون الأُولَى، أَنْ تَوصَّلوا إلَى هَذه المَفَاهيم، التي يُنَادِي بِهَا أَربَاب التَّربيَة الحَديثَة..!
هُنَاك مَثلاً التَّعليم بالقُدوَة، وهُنَاك عَدم الإكرَاه عَلَى التَّعليم، وهُنَاك الوَصَايَا التي تُسَاهِم فِي تَهذيب اللِّسَان، وجَعْل المُفرَدَات عَفيفَة، وكَذلِك البُعد عَن الاحتمَاء بالأعذَار، وإذَا أَردنَا مِثَالاً لمِثل تِلك الوَصَايَا، فلَن نَجد مِثل وَصية "عمرو بن عتبة"، حَيثُ قَال لمُعلِّم وَلده:
(لِيَكُنْ أَوَّلَ إِصْلاحِكَ بُنِيَّ إِصْلاحُكَ نَفْسَكَ، فَإِنَّ عُيُوبَهُمْ مَعْقُودَةٌ بِعَيْبِكَ، الْحَسَنُ عِنْدَهُمْ مَا صَنَعْتَ، وَالْقَبِيحُ عِنْدَهُمْ مَا اسْتَقْبَحْتَ، عَلِّمْهُمْ كِتَابَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَلا تُمِلَّهُمْ مِنْهُ فَيَتْرُكُوهُ، وَلا تَتْرُكْهُمْ مِنْهُ فَيَهْجُرُوهُ، ثُمَّ رُوِّهِمْ مِنَ الْحَدِيثِ أَشْوَقَهُ، وَمِنَ الشَّعْرِ أَعْمَقَهُ، وَلا تُخْرِجْهُمْ مِنْ عِلْمٍ إِلَى غَيْرِهِ حَتَّى يُحْكِمُوهُ، فَإِنَّ ازْدِحَامَ الْكَلامِ فِي السَّمْعِ مَضَلَّةٍ لِلْفَهْمِ، وَكُنْ لَهُمْ كَالطَّبِيبِ الَّذِي لا يُعَجِّلُ بِالدَّوَاءِ؛ حَتَّى يَعْلَمَ مَوْضِعَ الدَّاءِ، جَنِّبْهُمُ النِّسَاءَ، وَاشْغَلْهُمْ بِسِيَرِ الْحُكَمَاءِ، فَأَدِّبْهُمْ دُونِي، وَلا تَتَّكِلْ عَلَيَّ، فَقَدِ اتَّكَلْتُ عَلَى كِفَايَةٍ مِنْكَ، وَاسْتَزِدْنِي بِزِيَادَتِهِمْ أَزِدْكَ)..!
حَسنًا.. مَاذَا بَقي؟!
بَقي القَول: هَذه رِسَالَة، أَتمنَّى أَنْ يَتدبَّرهَا كُلُّ مُعلِّم، لأنَّ فِيهَا مِن المَلَامِح التَّربويَّة، مَا يَختصر عَلَى الإنسَان حيَاته المهنيَّة، ابتدَاءً بصنَاعة القُدوَة، وانتهاءًا بنَبذِ الأَعذَار والاحتمَاء بِهَا..!!

أحمد عبدالرحمن العرفج
T: Arfaj1
Arfaj555@yahoo.com


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

لكُلِّ مثابرٍ نصيب.. مِن دأب النجيب!