الجمعة، 13 ديسمبر 2019

القمة الشمَّاء تتَّسعُ للضّفدَعَة الصمَّاء


الحبر الأصفر
القمة الشمَّاء تتَّسعُ للضّفدَعَة الصمَّاء

النَّصَائِح مِن المُجتمَع؛ تَأتيكَ مِن عدّة جِهَات، والإحبَاطَات تَأتيكَ مِن جِهَاتٍ أَكثَر، لِذَلك أتّبع –أَحيَاناً- استَراتيجيّة "الضّفدَعَة الصَّمَّاء"؛ فِي مُوَاجهة كميّة الإرشَادَات، والنَّصَائِح والإحبَاطَات، التي تَهجم عَلَيَّ كُلِّ صبَاح فِي وَسَائِل التَّوَاصُل الاجتمَاعي..!
أمَّا إذَا سَألتمُوني عَن استرَاتيجيّة "الضّفدَعَة الصَّمَّاء"، فهي قصّة مَشهورة وَردَت فِي كَثير مِن الكُتب، تَقول القصّة: (كَانت مَجموعة مِن الضَّفَادع تَقفز؛ وتَتسَارَع بَين الغَابَات، وفَجأَة وَقعَت ضُفدعتَان فِي بِئرٍ عَميقَة، وبَعد وقُوعهمَا، تَجمّع جمهُور غَفير مِن الضَّفَادع عِند البِئر، ولَمَّا شَاهَدوا البِئر عَميقَة، صَاح الجمهُور للضُّفدَعتين اللَّتيْن فِي قَاع البِئر، وقَالُوا: "إنَّ حَالتكما مَيؤوس مِنهَا، وأَنَّ المَوت مُحيط بِكُمَا، فلَا تُحَاولا الخرُوج مِن البِئر")..!
تَجَاهَلَت الضُّفدعتَان تِلك التَّعليقَات، وحَاولتَا الخرُوج مِن ذَلِك البِئر، بكُلِّ مَا تَملُكَان مِن قوَّةٍ وطَاقَة، واستَمرّ جمهُور الضَّفَادع بالصِّيَاح بِهمَا؛ أَنْ تَتوقَّفا عَن المُحَاولَة، لأنَّهمَا فِي طَريقهمَا إلَى المَوت لَا مَحَالَة، واستمرَّت عَمليّة التَّحبِيط والتَّثبِيط، وأَخيراً انصَاعَت إحدَى الضُّفدعتيْن؛ لِمَا كَان يَقوله الجمهُور، واعترَاهَا اليَأس، فسَقَطَت ميِّتَة، واختَارت قَاع البِئر مَكاناً لَهَا..!
أمَّا الضُّفدَعَة الأُخرَى، فقَد وَاصَلت القَفز بكُلِّ قوّتها، واستمرَّت فِي المُحَاولَة فِي نَفس الوَقت؛ الذي استَمرّ فِي صِيَاح المُثبّطين مِن جمهُور الضَّفَادع، الذين طَلبُوا مِنهَا أَنْ تَضع حَدًّا للأَلَم والعَذَاب، وتَستَسلِم للمَوت، ولَكنَّها أَخذَت تَقفز بشَكلٍ أَسرَع وأَسرَع، حَتَّى وَصلَت إلَى الحَافة، ومِنهَا قَفزَت خَارج البِئر، حِينهَا استَقبَلهَا وسَألهَا أَحَد الضَّفَادع: "هَل كُنتِِ تَسمعين صِيَاحنَا"، ولَكنَّهم تَفَاجَأوا بإجَابتهَا: "إنَّني مُصَابة بصممٍ جُزئي، لِذَلك كُنتُ أَرَى -وأَنَا فِي أَعمَاق البِئر- أَنَّكم تُشجّعونَني عَلَى إنجَاز المُهمّة الخَطيرَة، والخرُوج مِن البِئر، وكُنتُ أَتحمّس مَع صيَاحكم، وأَستَمد الطَّاقَة مِنه..!
حَسنًا.. مَاذَا بَقي؟!
بَقي القَول: أَعتَقد أَنَّ حِكمة الضَّفدَعَة الصّمّاء جَديرة بالتَّأمُّل، وإذَا كُنتم لَا تَرون فِيهَا الحِكمَة، والحَمَاس والحيَاة، فأَنَا أَرَى فِيهَا كُلّ هَذه الأَشيَاء وأَكثَر..!!

أحمد عبدالرحمن العرفج
T: Arfaj1
Arfaj555@yahoo.com


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

لكُلِّ مثابرٍ نصيب.. مِن دأب النجيب!