الجمعة، 13 ديسمبر 2019

التجارب.. أشكال ومآرب


الحبر الأصفر
التجارب.. أشكال ومآرب

مِن أَكبَر الأَخطَاء التي يَرتكبهَا النَّاس، تَعمِيم الأَفكَار التي مَرُّوا بِهَا، أَو إعطَاء قَاعِدَة وَاحِدَة تَصلُح لكُلِّ النَّاس، مَع أَنَّ الأَشيَاء التي تَصلُح للبَشريَّة كُلّها، لَا تَتجَاوز الـ2%، وهي مَعروفَة لَدَى الجَميع، فمِن المُمكن أَنْ نُعمِّم عَلَى حَقيقة المَوت، لأنَّ كُلّ نَفسٍ ذَائِقَة المَوت. وعَلَى الطَّعَام، لأنَّ كُلّ النَّاسِ بحَاجَةٍ إلَى الطَّعَام والشَّرَاب. وعَلَى النَّوم، وهَكَذَا..!
إنَّ المُشكِلَة الكُبرَى؛ حِينَ يَجعل الإنسَان مَشَاكله الخَاصَّة؛ مَشَاكِل عَامَّة، أَو قَنَاعَاته الشَّخصيَّة قَنَاعَات عَامَّة، وحَتَّى يَتَّضح المَقَال، دَعونَا نَضرب المِثَال:
خُذوا مَثلاً: السَّعَادَة، تَتعدَّد بتَعدُّد أَصحَابهَا، فمَثلاً لَا يُمكن أَنْ نُعطي تَعريفاً وَاحِداً للسَّعَادَة، ونَقول: إنَّ هَذا التَّعريف يَصلُح لكُلِّ النَّاس، لأنَّ السَّعَادَة مَفهوم مُتحرِّك، وقَد يَكون هَذا المَفهوم لَه أَلف مَعنَى، وكُلّ هَذه المَعَانِي صَحيحَة.. ببسَاطَة يُمكن القَول بأنَّ العَقيم؛ قَد يَنَال السَّعَادَة بالإنجَاب، والفَقير؛ قَد يَنَال السَّعَادَة بالثَّرَاء، والعَاطِل؛ قَد يُدرك بَعض السَّعَادَة إذَا حَصل عَلَى وَظيفَة، والمَريض؛ قَد تُدركه السَّعَادَة إذَا أَدرَكه الشِّفَاء.. وهَكَذَا..!
ومِن هَذا البَاب، هُنَاك تَعميمَات أُخرَى، يُطلقهَا البَعض عَلَى أَنَّها قَواعِد عَامَّة، وهَذا لَيس بصَحيح، فمَثلاً قَد تَجد أَحدهم يَقول: إنَّ شُرب الشَّاي فِي اللَّيل يُسبِّب السَّهَر، ويَطرد النَّوم، ويَطرح هَذه الفِكرَة عَلَى أَنَّها فِكرَة عَامَّة، وهَذا لَيس بصَحيح، لأنَّكم تَعرفون –وأَعرف- أُنَاساً كَثيرين؛ يَنَامُون وأَكوَاب الشَّاي فِي أَيديهم..!
حَسنًا.. مَاذَا بَقي؟!
بَقي القَول: إنَّ النَّاس تَختَلف فِي قُدرَاتهَا ومُقَاومتهَا، ومَذَاقَاتهَا وأَمزِجتهَا، لِذَلك أَرجُوكم إذَا كُنتم تَشعرون بشَيء، أَو تَشتَكون مِن شَيء، فلَا تَعتَقدوا أَنَّ كُلّ النَّاس مِثلكم، فالمُقَاومَة والقبُول والرِّضَا؛ تَختَلف مِن شَخصٍ إلَى آخَر، حَسب قوّته الجَسديَّة والمَعرفيَّة والثَّقَافيَّة..!!

أحمد عبدالرحمن العرفج
T: Arfaj1
Arfaj555@yahoo.com


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

لكُلِّ مثابرٍ نصيب.. مِن دأب النجيب!