الجمعة، 13 ديسمبر 2019

أبرز المواصفات لـ"مدردش القروبات"


الحبر الأصفر
أبرز المواصفات لـ"مدردش القروبات"

مَع أدوَات التَّواصُل التّكنُولُوجي؛ ظَهرت بَعض عيوب المُجتَمع، فأَنتَ تَجد -مَثلاً- في "الوَاتس أَب" الشَّائِعَات، وتَجد الإزعَاج، وتَجد الكَلام الذي لَا يَنفع ولَا يَرفع.. ودَعونا في هَذه الكِتَابَة؛ نَستَعرض مَا يَحدث في المَجمُوعَات، أو مَا يُسمَّى بـ"القروبّات"، ومَا يَدور فِيها مِن حِوَارَات..!
وقَبل أنْ أَدخُل إلَى هَذه الكِتَابَة، أُذكّر بقصّة قَصيرة؛ غرّدتُ بِهَا في "تويتر" مُنذ أيَّام، وكَانت عَلى النَّحو التَّالي: سَألته مَا وَظيفتك؟ فقَال: "أتسكّع في القروبّات، وأُدردش فِيها".. فقُلت لَه: وَظيفتك مِن المُمكن أن تُسمَّى "مدردش في القروبّات"..!
إنَّنا في هَذه الأيَّام نَجد آلاف -بَل مِئات الآلاف- ممَّن يَحملون وَظيفة "مدردش في القروبّات".. تَفتح "الوَاتس أَب" في الصَّبَاح؛ فتَجد "المدردش" يَتحدَّث كَثيراً في كُلِّ "لا شَيء"، وتَفتح "الوَاتس أَب" في الظُّهر؛ فتَجده يدردش أيضاً، وتَفتحه بَعد العِشَاء؛ فتَجده مَازال يدردش، وكَأنَّه صَيدليّة مُنَاوبة طُوَال اللَّيل والنّهار..!
أمَّا مَا يَخص الدَّرْدَشَة، فهي في الغَالِب سَطحيّة، تَعتمد عَلى قَذْف الأفكَار السَّريعَة، مِن خِلال انطبَاعَات سَاذِجَة، بحَيثُ تَكون جُملاً مَحفوظة؛ تُقال مِن غَير وَعي، مِثل عِبَارة: "نَحتَاج إلَى سَنِّ قَوانين تُجرّم العُنصريّة"، أو عِبَارة: "هَذه وجهة نَظر"، أو عِبَارة: "مَتَى تَنتهي مَأساة سيول جُـدَّة؟"... إلَى آخر هَذه الجُمل الإنشَائيّة، التي لا جَديد فِيها ولَا دَهْشَة..!
ومِن الغَريب أنَّ مَن يَحمل وَظيفة "مدردش في القروبّات"؛ لَا يَقرأ كَثيراً، بَل هو يَكتب أضعَاف مَا يَقرأ، وهَذا خَلل بنيوي في الفِكر، لأنَّ العَاقِل يَقرأ ثَلاثين صَفحة، ليَكتب سَطراً وَاحِداً.. ولا أَلوم هَذا الذي يَهجر القرَاءة، لأنَّه مَشغول 24 سَاعة في الدَّردشَة، لِذَلك لَن يَجد الوَقت للقرَاءة، وأعني بِهَا القرَاءة الجَادّة، التي تُوسِّع الذِّهن، وتُعمّق التَّفكير، وتُطيل التَّأمُّل..!
حَسناً.. مَاذا بَقي؟!
بَقي أن أقتَرح -عَلى وزَارة الخِدْمَة المَدنيّة- بأنْ يُدرجوا وَظيفة "مدردش في القروبّات"، ضِمن مُسمّيات الوَظَائِف الحَديثَة..!!!

أحمد عبدالرحمن العرفج
تويتر: Arfaj1
Arfaj555@yahoo.com


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

لكُلِّ مثابرٍ نصيب.. مِن دأب النجيب!