الحبر الأصفر
أجمل ما عندي عن الفن البولندي (1)
رَحلَات السَّفر والكِتَابة عَنها فنٌّ قَديم، بَدأه الرحّالة مُنذ مِئَات
السّنين، ومَازَالت النَّاس تَكتب مَقَالاتها "حَول العَالَم"، في ثَمانين
يَوماً، وفي عشرين شَهراً، أو ستّين لَيلة، وهَكذا تَتغيّر الأسمَاء والعَنَاوين،
ولَكن تَبقَى المُسمّيات والمَضَامين..!
مِن هَذا البَاب، سأَقرعُ الكِتَابة عَلى مَدَى يَومين، عَن زيَارتي
لبُولَندا، لَيس لأنِّي زُرتها، بَل لأنَّ بُولَندا تَستحق أنْ يُعرَف عَنها الكَثير
مِن المَعلومَات، التي قَد تُساهم في تَنمية الاستثمَار، بِين تِلك البِلَاد
البديعَة وبِلَادنا الحبيبَة..!
كَانت الرّحلة بصُحبة صَديقيَّ المُخلصيْن "ماجد الشهري وناصر
عسيري"، وعِندَما سَألني أَحَد البُولنديّين قَائلاً: "هَل تَعرف بُولندا"؟
قُلت لَه: نَعم أَعرفُهَا، بَل إنَّ الجُزء الشَّرقي مِن لَحم كتفي مِن خَيرَاتها،
حَيثُ كُنتُ في طفُولتي مُدمناً عَلى حلوَى البَقَر، التي تُنتَج وتُصدَّر إلَى
العَالَم مِن خِلال بُولندا المُتألِّقة..!
وَارسو، هي عَاصمة تِلك البِلاد، وقَد تَصدَّرَت نَشرَات الأخبَار
العَالميّة حِين عُقد فِيها "حِلف وَارسو"، وفي بُولندا مَحرقة اليَهود
الشّهيرَة، كَما أنَّ هَذه البِلاد مُتخمة بالمُعَانَاة والحرُوب، فهي لَم تَخرج مِن
وَيلات هِتلر؛ إلَّا لتَقَع في بَراثن البَلشفيين، والعَهد الشّيوعي، الغَاضِب عَليها
بكُلِّ عُنف، ومِن الغَريب أنَّ هِتلر أغرَى جنُوده وجَيشه بغَزو بُولندا، مُستخدماً
مَا يَستخدمه الدَّواعِش مِن خِلال فِكْرة "الحور العين"، حَيثُ قَال:
"سنَغزو بُولندَا وستَجدون فِيهَا أجمَل نِسَاء العَالَم"..!
في بُولندا، زُرنا قَلب المُوسيقَار البُولندي العَالمي "فريدريك
شوبان"، عَازف البيَانو الذي مَات في فَرنسا، وأَوصَى أنْ يُدفَن قَلبُه في بُولَندَا،
وقَد شَرّحوا جثّته، وأَخذُوا قَلبه ودَفنوه في بُولَندَا، بُناءً عَلى طَلبه، بَينما
جُثّته بَقيت مُتدَاخِلَة في أحشَاء التُّرَاب الفرنسي، وأهل بُولندا فَخورين بهَذا
المُوسيِقَار، حَيثُ سمّوا أكبَر المَطَارات باسمه، بَل حتَّى خطُوط المُشَاة في الطُّرقَات؛
تَجدها عَلى شَكل أحرُف بيَانو، تَكريماً لمُوسيقَارهم الكَبير..!
إنَّ بُولَندَا بَلدٌ بِكر وخصبَة، وهي تَزخر بالمَنتوجَات، مِثل
الحلويّات والفوَاكه المُجفّفة، والأجبَان والألبَان بكُلِّ أنوَاعِهَا، بَل حتَّى
البَقر هُنَاك، يَمتلك مُواصَفَات مِن الجَمَال و"الأُبّهة" والكَاريزما،
التي لَا تَجدها في بَقر الدُّنيا كُلّها، وقَد اقتَرحتُ عَلى صَديقي البُولَندي
–بُناءً عَلى مَلامح بَقرهم، التي تَفوق مُواصَفَات هيئة المُواصَفَات والمَقاييس-
اقتَرحتُ عَليه إقَامة مَهرجان لمَزايِن البَقَر..!
حَسناً.. مَاذا بَقي؟!
بَقيَت كِتَابة أُخرَى ليَومِ غَد حَول بُولَندَا؛ ومَنَاطِق الاستثمَار
فِيها، التي يَجدر بِنَا أنْ نُفكِّر بهَا جيّداً..!!!
أحمد عبدالرحمن
العرفج
T: Arfaj1
Arfaj555@yahoo.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق