الجمعة، 13 ديسمبر 2019

إجراء الإحصاء يُخفِّف الأعباء ..!


الحبر الأصفر
إجراء الإحصاء يُخفِّف الأعباء ..!

في السّعوديّة لَدينا بَعض المُشكلات؛ التي لا يُنكرها أَحَد، بَل بَدَأَنَا -في السَّنوَات الأخيرَة- نُسلِّط الضّوء عَليها، لَعلّنا نُعالجها، أو نُقلِّص مِن أضرَارَها..!
ولَعلّ أبرَز تِلك المُشكلات هي "غيَاب الإحصَاء"، بَل تَجَاهله، وعَدم النَّظر إليهِ.. وقَبل أن نَدخل في الإحصَاء، دَعوني أبدَأ بقصّة حَدَثَت بَين النَّبي سُليمان ونَملة.. تَقول القصّة أنَّ سُليمان –عَليه السَّلام- سَأَل نَمْلَة قَائلاً: (كَم حبّة قَمح تَأكلين في السَّنة)؟ فقالت: (آكل حبّة وَاحدة).. وأرَاد سُليمان التَّأكُّد مِن صحّة مَقولتها، فوَضعها في إنَاء، ووَضَع حبّة قَمح مَعها، وأَغلَق الإنَاء، ثُمَّ فَتحه بَعد سَنة، فوَجَدَ أنَّ النَّملة لَم تَأكل إلَّا نِصف الحبّة، فغَضَب مِنها وقَال: (كَيف تَكذبين عَليَّ، حَيثُ قُلتِ أنَّكِ تَأكلين حبّة قَمح كُلّ سَنَة، في حِين أَنَّكِ أَكلتِ الآن نصف الحبّة فَقط)؟! فقَالت النَّملة: (يَا أيُّها النَّبي كُنت آكل حبّة كَامِلة حِين كُنت طَليقة؛ ورِزقي عَلَى الله، لأنَّ الله يَرزقني ولا يَنسَاني، ولَكن حِين وَضَعْتَني في هَذا الإنَاء -وأنتَ بَشَر- خَشيتُ أنْ تَنسَاني سَنَة أُخرَى، فأكلت نصف الحبّة، وادّخرت نصفها الآخَر للسَّنة التي قَد تَنساني فِيها)..!
هَذه القصّة لا يَهمنا مَدَى وقُوعها مِن عَدمه، إلَّا أنَّ فِيها عِبراً؛ تُفيد كُلّ مَن يَعتمدون عَلى الإحصَاء في التَّخطيط..!
إنَّ الإحصَاء عُنصر مُهم مِن عَناصر نمو الأُمَم وازدهَارها، ولا يُمكن أن تُحَلّ مُشكلات أي مُجتمع إلَّا إذَا أَوْلَى عِلْم الإحصَاء كُلّ اهتمَامه، ومَن يُلاحظ تَكدُّس الخرّيجين وأرقَام البطَالة، ومُعضلة قبُول الطلاّب في الجَامِعَات، وازدحَام السيّارات في الشَّوارع والحَارَات، واختنَاق المَطَارات بالمُسَافرين.. مَن يُشاهد هَذا كُلّه وغَيره، يُدرك أنَّنا في جهَة، والإحصَاء في جِهةٍ أُخرَى..!
حَسناً.. مَاذا بَقي؟!
بَقي القَول: يَا قَوم، كُلّ المُجتمعات تَضع خططها وَفق الإحصَاء والتَّزايُد المُتوقّع في كُلِّ عَام، فلِمَ نَحنُ نُعلن الحَرَب عَلَى الإحصَاء أو نَتجَاهله، وهو رُكن مِن أركَان الحيَاة المُنظّمة والمُرَتَّبَة..؟!!!

أحمد عبدالرحمن العرفج
تويتر: Arfaj1
Arfaj555@yahoo.com


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

لكُلِّ مثابرٍ نصيب.. مِن دأب النجيب!