الجمعة، 13 ديسمبر 2019

أحمد قنديل شاعر يستحق التبجيل


الحبر الأصفر
أحمد قنديل شاعر يستحق التبجيل

الشَّاعِر الحِجَازي المُهمّ -سَمِيِّي- "أحمد قنديل"، مِن الشُّعرَاء الذين لَم يَأخذوا نَصيبهم مِن الانتشَار، رَغَم أنَّ شِعرَه عَامرٌ بالأمَل، وصِنَاعة السَّعَادَة، وحُبّ الحيَاة، وحَسب عِلمي، كَاد يَضيع تَاريخ هَذا الرَّجُل المُهمّ، لَولا أَنَّ الأُستَاذة القَديرة "فَاطمة عبدالجبّار"؛ أَعدَّت رِسَالة مَاجستير عَن شَخصيّته وشِعره، ولَولا أَيضاً أَنَّ الوَجيه "عبدالمقصود خوجة" –قمَّصه الله ثِيَاب العَافية- جَمَع أَعمَاله الشِّعريّة والنَّثريّة في سَبع مُجلَّدَات، وقَد اشتهِرَ الشَّاعر "أحمد قنديل" بشِعره "الحَلمَنْتِيشِي"..!
ونَظراً لضِيق المِسَاحة، دَعوني أستَعرض نَموذجين مِن نَماذج الشَّاعر "قنديل"، حَيثُ يَقول:
"أَضحَى التّنَائِي بَديلاً عَن تَدَانِينَا
وَنَاب عَن طِيب لُقيَانَا تجَافِينَا"
رُحْتم ورُحْنا.. فمَا شُفنَا مَوانئكم
يَوم الرَّحيل ولَا شُفتم مَوانِينَا
ولا اجتَمعنَا عَلى "الضُّومنَا" ولَا حَبكت
بِنَا المَراكيز تُشجيكم وتُشجينَا
مِن بَعد أَنْ كَانت الأيَّام تَحسدنَا
عَلَى النَّعيم الذي بالزَّاف يُعطينَا
مِن بَعد أَن كُنتمو مِنَّا لَنَا أَبداً
أَصحَابنا وأَحبَابنا المُوالينَا
إذَا انزَكمتم عَطَسْنَا قَبلكم
وإذَا سَخنتمونَا أَخذتم قَبلنَا كينا
وإنْ نَبسنَا ببِنتِ البِنت مِن شَفةٍ
قُلنَا.. وقُلتم لَنَا في الحَال آمينَا!
وفي مَوضع آخَر نَجد "جِنِّي" عَنتَرَة بن شَدَّاد يَتلبَّس شَاعرنا "أحمد قنديل"، ليَقول:
"هَل غَادَرَ الشُّعرَاءُ مِن متردِّمٍ
أَمْ هَل عرفت الدَّارَ بَعدَ تَوهُّمِ"
يَا دَار خَالِي بالحويةِ عَلِّمي
خَالي بأنِّي قَد وَصَلتُ وسَلِّمي
فإذَا تَمحّك في السُّؤَالِ فغَمْغمِي
وإذَا تَلكْلكَ في الجَوَاب فنَمْنمِي
مَا جِئتُ مِن عندي لعندي طَافشاً
بَل إنَّ أُمِّي أَرسلتْني فاعلَمي!
حَسنًا.. مَاذا بَقي؟!
بَقي أَنْ أَقول: إنَّ الشَّاعِر "أحمد قنديل" يَزرع البَهجَة والسَّعَادَة في شِعره "الحَلمنتِيشِي"، الذي يَجمع بَين العُمق والبَسَاطَة، كَمَا أَنَّه أَيضاً يُروِّض الكَلِمَات الشَّارِدَة ويُهذِّبها، ليُوظّفهَا في صورهِ الشِّعريّة، ومِن ذَلك مَا وَرَد فِي النَّص الأوّل، كعِبَارة "بالزَّاف" التي تَعني "كَثيراً" باللَّهجَة المَغربيّة، وعِبَارة "كينا" وهي نَبتَة طَارِدَة للبَلْغَم، ومُنشِّطَة للدَّورة الدَّمويّة، وهَكَذا يَخرج القَارئ بالمُتعَة والفَائِدَة في آنٍ وَاحِد..!!

أحمد عبدالرحمن العرفج
T: Arfaj1
Arfaj555@yahoo.com


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

لكُلِّ مثابرٍ نصيب.. مِن دأب النجيب!