الجمعة، 13 ديسمبر 2019

"أَحْمَد" الحَيَوَان ..!


"أَحْمَد" الحَيَوَان ..!

الاهتِمام بالحيوان بوَصفه شريكاً "Partner" -كما هو تعبير الإنجليز- قديم قِدَم الإنسَان نفسه، حيث نَصَّت كُلّ الشَّرائِع السَّماويّة -بِمَا فيها الإسلام- على وجوب الرِّفق بِه، والتَّعامُل معه وفق الحاجة، انطلاقاً مِن مفهوم: "لا ضَرر ولا ضَرار"!!
فيمَا يرى البعض أنَّ الحيوان لَم يَنل شَيئاً مِن حقُوقه، إلَّا حينما نَذرت المُمثِّلة الفرنسيّة "بريجيت باردو" نفسها لهذه القضيّة، حيث اعتَزَلَت وتَفرَّغَت للعناية بالحيوانات!!
أكثر مِن ذلك يُعوّل كثير مِن المُثقَّفين؛ على أنَّ الرَّمزيّة التي كانت طافحة في رواية "مَزرعة الحيوان"، يُراد بِها خلخلة النَّظام الشّيوعي مِن داخله، مِن خلال إسقاط واقع الحيوانات على المُجتمع الشّيوعي!!
و"مزرعة الحيوان" للرّوائي "جورج أورويل"؛ رواية تدور أحداثها في إحدى مزارع إنجلترا على لِسَان الحيوانات، إذ تقول الرِّواية: بعد أن نام صاحب المزرعة، جمع الخنزير العجوز "مِيجر" كُلّ حيوانات المزرعة فِي الحظيرة، ليَخطب فيهم ويقول لَهم: إنَّ بُؤسهم وشَقاءهم وتَعاستهم سَبَبها الإنسَان، وأنَّ لا سَبيل لَهم للسّعادة إلَّا بالثَّورة عليه، والتَّخلُّص منه.. ثُم جاء مَن قام بتوسيع مضامين خطاب "ميجر"، وتحويله لنظام فكري مُتكامل أسماه "الحيوانيّة -Animalism "، وبدأوا بنشره وتدريسه لبقيّة حيوانات المزرعة!!
غير أنَّ بعض الأقوال العربيّة تَتردَّد في شأن مكانة الحيوان بين التَّحقير والتَّكبير، فمثلاً يُحرِّم بعض العُلمَاء تسمية الحيوان باسم "أحمد"، أو غيره مِن الأسماء، وفي ذلك يقول الشّيخ "بكر أبوزيد" عضو هيئة كِبَار العُلماء -رحمه الله-: (إنَّ تسميّة الحيوان بأسماء الآدميين مُحرَّمة مِن جهتين، هَتك حُرمة الآدميين وأسمائهم الشّريفة، والتَّشبّه بالكافرين، فالواجب اجتناب ذلك والحَذر مِنه)، هذا في جانب التَّحقير.. أمَّا جَانب التَّكبير فهذا الشَّاعر الكبير "محمد عفيفي" يقول: (لابد أن إنسان زمان كان مُختلفاً عن إنسان الآن، وإلَّا فلماذا وصفه "أرسطُو" بأنَّه حيوان عاقل)؟!
لذَا أُعلن أنا الموضّح صُورتي أعلاه واسمي أدناه، أُعلن وأنا بكامل ما تَبقَّى لَدي مِن ذَرَّات العقل، أنَّني لا أُمانع في مُشاطرة اسمي مع رفيقي، فِي سفينة سيّدنا نوح "الحمار"، بل أتشرَّف بذلك أصالةً عن نفسي، ونيابةً عن جميع "الأحمديين أو الأحامِدة"، وإنّ كان شيخنا "أبوزيد" -يرحمه الله- لا يرى مُشاطرة اسمه مع الكائنات الأُخرى، فهذا شأنه، وقديما كانت العرب تُسمِّي: "جَحش، وكلب، وكليب وكلاب.... الخ"!!
بَقي القَول.. إنّ ازدراء الحيوان عموماً يجري في مُعظم البشر مَجرى الدَّم، وإن حاول أحدهم تبرير ظُلمه للحيوان، سيكتشف زيف ثقافته، وسينقلب على عَقبيه مِن سُوء ما صعق بِه.. وإذا ما عاد الإنسان إلى رُشده، وتدبّر جماليات الحيوان التي لا حصر لها، لوقف إجلالاً لهذا الكائِن، الذي يكفيه أنَّ الآخرة هي "الحيوان".. حتى لو كان ذلك مُجرَّد تَماس لغوي، لا يُسمن ولا يُغني مِن جُوع!!.

أحمد عبدالرحمن العرفج
Arfaj555@yahoo.com


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

لكُلِّ مثابرٍ نصيب.. مِن دأب النجيب!