الحبر الأصفر
أحلى الكلام من الأمير المِقدام
كَانَت كَلِمَة سمو وَلي العَهد؛ فِي مُؤتَمر "مُبَادرة
مُستقبَل الاستثمَار"، أَو "دَافُوس الصَّحرَاء" -كَمَا يُحب البَعض
أَنْ يُسمِّيه- كَانَت كَلِمَة تَاريخيَّة، تَحمل فِي مَضمونهَا مَلَامِح الوَاقِع،
واستشرَافَات المُستقبَل، وإذَا حَاولنَا تَحليل هَذه الكَلِمَة، وتَوضيح أَبعَادهَا،
سنَجد أَنَّ فِيهَا خَمسة أَبعَاد:
أوَّلاً: البُعد السِّيَاسِي، حَيثُ أَرسَى سموّه قَوَاعِد
العَلَاقَة بَين السّعوديَّة وتُركيَا، مُختَصراً هَذه العَلَاقَة بأَنَّها رَاسِخَة،
ولَن يَستَطيع أَحَد أَنْ يُحدِث شَرخًا فِيهَا؛ طَالَمَا أَنَّ فِي السّعوديَّة مَلكٌ
اسمه "سلمان"، ووَليُّ عَهدٍ اسمه "محمد بن سلمان"، ورَئيسٌ فِي
تُركيَا اسمه "أردوغان".
أمَّا المَنحَى الثَّانِي، فهو المَنحَى الاقتصَادي،
حَيثُ أَوضَح سموّه، أَنَّ السَّنوَات الخَمس المُقبِلَة؛ ستَكون سَنوَات اقتَصَاديَّة
قَويَّة فِي الشَّرق الأَوسَط. وكَان يَتحدَّث بكُلِّ ثِقَةٍ، وكَأنَّه يَرَى المُستَقبَل
أَمَام عَينيهِ.
أمَّا المَنْحَى الثَّالِث، فهو المَنْحَى الاجتمَاعي،
لأنَّ القَائِد النَّاجِح لَا يَنسِب الفَضل لنَفسهِ فَقَط، بَل يَنسِبه لكُلِّ فَريق
العَمَل، فقَد قَالهَا بصَرَاحَة: إنَّ هِمَم السّعوديِّين لَا تَنكَسِر، وأَنَّهَا
مِثل "جَبل طويق"، ثُمَّ أَكَّد بأنَّه فَخورٌ بهَذا الشَّعب، أَعنِي
الشَّعب السّعودي العَظيم الجبَّار.
أمَّا المَنْحَى الرَّابِع، فهو المَنحَى الاستشرَافِي،
وعِندَما نَقول استشرَافِي؛ نَقصد أَنَّ كَلِمَة الأَمير كَانَت تَتطلَّع إلَى اليَوم،
وتَنطَلقُ إلَى الغَد، مُستَفيدَة مِن المَاضي، ومُتَّكِئَة عَلَى مُعطيَات الحَاضِر.
وآخِر هَذه المَنَاحِي؛ فِي الكَلِمَة الضَّافية
المُختَصرَة، والمُحدَّدة والوَجيزَة، كَانَت مَنْحَى المرُوءَة، وأَقصُد بالمروءَة،
بأَنَّ الأَمير كَان شَهماً؛ عِندَما تَحدَّث عَن قَطَر، حَيثُ قَال: حَتَّى قَطَر
التي بَينهَا وبَيننَا خِلَاف، تَملُك اقتصَاد قَوي ومَتين. وهَذه قِمَّة المروءَة،
بأَنْ يَعتَرف الإنسَان بأَصحَاب القوَّة، حَتَّى ولَو كَان عَلَى خِلاف مَعهم. أَمَّا
المِثَال الآخَر فِي المروءَة، فهو الثَّنَاء عَلَى تَجربة دُبي، مِن خِلال الإشَارة
إلَى سمو الشّيخ "محمد بن راشد آل مكتوم"، وتَجربة دُبي، التي تُعتَبر مُعجزَة
مِن مُعجِزَات الصَّحرَاء؛ فِي الشَّرق الأَوسَط.
لقَد أَعطَى الأَمير جُمَلاً مُتعدِّدة، يُمكن أَنْ
تَكون وِرَش عَمَل، حَيثُ قَال: حَربِي القَادِمَة أَنْ تَكون السّعوديَّة فِي مَصَافِ
الدّول المُتقدِّمَة. ثُمَّ أكَّد أَكثَر وقَال: سنَجعَل -بإذن الله- مِن الشَّرق
الأَوسَط أُوروبَا الجَديدَة. وأَكَّد أَكثَر وأَكثَر وقَال: حَربنَا عَلَى التَّطرُّف
مُستَمرَّة، وإصلَاحَاتنَا مُستمرَّة، ولَن يَستَطيع أَحَد إيقَافنَا. ثُمَّ بكُلِّ
بَسَاطَة طَمْأَن النَّاس وقَال: هُنَاك قَفزَات فَلكيَّة فِي الاقتصَاد السّعودِي،
خِلَال السَّنوَات الثَّلاث المَاضيَة، أَمَّا السَّنوَات الخَمس القَادِمَة، فستَكون
أَقوَى قَفزاً مِن ذِي قَبْل.
حَسنًا.. مَاذَا بَقي؟!
بَقي القَول: يَقُولُون فِي البَلَاغَة: إنَّ كَلَامَ
الأَمير؛ هو أَميرُ الكَلَام، ويَقولون أَيضاً: إنَّ حَديثَ القَائِد؛ هو قَائِدُ
الحَديث، وأَعتَقد أَنَّ العَالَم كُلّه مَشغولٌ بالكَلِمَة الضَّافيَة؛ التي أَلقَاهَا
سمو وَلي العَهد، والتي لَا تَتجَاوز مُدّتهَا عَشر دَقَائِق، إلَّا أَنَّها أَشغَلَت
العَالَم، وأَصبَحت أَثمَن وأَقوَى عَشر دَقَائِق؛ يَستَمِعُ إليهَا النَّاس فِي هَذه
الأيَّام.
أحمد عبدالرحمن العرفج
T: Arfaj1
Arfaj555@yahoo.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق