الحبر الأصفر
يا خرابي.. حين تكون الكتابة
عمل انقلابي
الكِتَابَة.. هَذا البوح المَرسوم عَلى الوَرق، والمُصوَّر بالقَلَم،
حَار النَّاس في تَعريفاته، ودَلالاته، وتَموْسقاته، وتَعرُّجاته..!
فِي البِدَاية دَعونا نَعْتَرف ونَرفع القُبَّعة والشّماغ والعقَال؛ لعمّنا
الكَبير "نزار قبّاني"، حِين قَال عِبَارته المَشهورة: (الكِتَابة عَمل انقلَابي)..
حَيثُ تُثبت هَذه العِبَارة أنَّ الكِتَابة هي: انقلَابٌ مِن حَالٍ إلَى حَال،
وتَبدُّلٌ مِن فِكْرَة إلَى فِكْرَة..!
وكَاتبنا الكَبير "سعد الله ونّوس" يَقول: (كُلُّ عَمليّة كِتَابَة
هي عَمليّة تَخفٍّ وَرَاء قِنَاع، أو عَمليّة تَحتمل -ولَو جُزئيًّا- الاختبَاء وَرَاء
القِنَاع بشَكلٍ مَا.. إنَّ أي إنسَان رَاضٍ عَن نَفسه ومُتصالحٍ مَعها، ولا يُعاني
أي قَهر أو ضغُوط، تَكون حَاجته للكِتَابة أقل، أو تَكون كِتَابَاته التي يُنجزها –غَالباً-
فَقيرة عَلى مستوَى الإشكاليّات التي يُسطّرها)..!
ولَعلَّكم تَتأمّلون هَذا النَّص الخَطير لـ"سعد الله ونّوس"،
وتُطبّقوه عَلى أنفُسِكُم، لتَتأكَّدوا هَل أنتُم مِن أصحَاب الأقنعَة أم لَا؟ ثُمَّ
لتَروا هَل أنتُم مُتصَالحين مَع أنفُسِكُم؛ أم تُعانون مِن أي قَهرٍ أو ضغُوط؟ لأنَّه
كُلَّما كَثُرت الضّغوط كَثُرت الكِتَابَة، وكُلَّما قَلّ القَهر قَلَّت الكِتَابَة..!
مِن جِهةٍ ثَانية، يُعرّف الرِّوائي الكَبير "عبدالرحمن منيف"
الكِتَابة بأنَّها: (تَاريخ مَن لا تَاريخ لَه).. لذلك هُم يُؤرّخون لأنفُسِهم، وهَذا
الكَلَام يَقرب مِن الصّحة، فلَولا كِتَابات "العَقّاد والرّافعي، والمَنفلوطي
والمَازني وأحمد أمين"، لمَا عَرفنا تَاريخ هَؤلاء، وحيَاتهم مَع القَلم والحبر
والوَرقَة..!
أمَّا الكَاتِب الصَّغير فِكْراً والكَبير جِسْماً "أحمد العرفج"،
فيَرى أنَّ الكِتَابَة لَيست رِئة ثَالثة، ولَيست تَاريخ مَن لا تَاريخ لَه، ولَيس
تَفريجاً عَن ضغُوط، ولَيست عَملاً انقلَابيًّا، بَل هي نَشَاط يَومي، مِثل السِّبَاحة
والمَشي ولعب الكيرم..!
حَسناً.. مَاذا بَقي؟!
بَقي القَول: أتحدَّى مَن يُحضر لِي؛ تَعريفاً شَاملاً جَامعاً مَانعاً
للكِتَابة، لأنَّها مهنة تَكْثُر فِيها التَّعريفَات بقَدر المُنتسبين إليهَا، ولَيس
هُناك كَلِمَة أخيرَة في تَعريف الكِتَابَة..!!!
أحمد عبدالرحمن العرفج
تويتر: Arfaj1
Arfaj555@yahoo.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق