الخميس، 5 ديسمبر 2019

لا أحد يهتم بك.. فلا تأكل مقلباً في نفسك!


الحبر الأصفر
لا أحد يهتم بك.. فلا تأكل مقلباً في نفسك!

عِندَمَا كُنتُ صَغيراً؛ كَان يَعتريني الخَجَل، والخَجَل –ببسَاطَة- هو احترَام النَّفس بطَريقةٍ مُبَالَغ فِيهَا، يَعني –باختصَار- كُنتُ آكلاً "مَقلَباً" فِي نَفسي، بَل كُنتُ أَظنُّ –وبَعض الظَّنِّ إِثم- أنَّ النَّاس لَا هَمَّ لَهَا ولَا شُغل؛ إلَّا مَا أَقول ومَا أَلبس ومَا أَفعَل..!
بَعد ذَلك كَبرتُ وعَرفتُ أَنَّ المَقلَب صَار مَقلَبين، حَيثُ أَدرَكتُ أَنَّ لَا أَحَد كَان يُفكِّر فِيَّ أَصلاً، بَل هِي مُجرَّد هَواجِس ووسَاوِس، أَوحَت لِي بِهَا نَفسِي الأَمَّارَة بالسّوء..!
كُنتُ أَظنُّ أَنَّ هَذه الحَالَة؛ حَالَة خَاصَّة بِي، ولَكن حِين صِرتُ صَديقاً للمَعرفَة، وصَاحِباً للقِرَاءَة، ورَفيقاً للاطِّلَاع، أَدرَكتُ أَنَّ حَالَتي هِي حَالَة العمُوم، بَل اكتَشَفتُ أنَّها قَاعِدَة مِن قَوَاعِد السّلُوك البَشرِي، ذَكَرَهَا الأُستَاذ "كريم الشاذلي" فِي كِتَابه "مَا لَم يُخبرني بِهِ أَبِي عَن الحَيَاة"، حِين قَال: (هَل سَمعتَ مِن قَبل عَن قَاعِدة 18-40-60؟، هَذه القَاعِدَة -ببَسَاطَة- تُخبرك بشَيءٍ مُهم جِدًّا، وهو أنَّك وفِي سِنِّ الثَّامِنَة عَشرَة، تَكون مُهتمًّا للغَايَة برَأي النَّاس فِيك، ومُنتَبِهاً لِمَا يَقُولونه عَنك، وقَلِقًا بخصُوص مَا يَشعرون بِهِ تِجَاهك، وعِندَمَا تَبلغ سِنّ الأَربعين، تُصبح غَير مُهتم البَتَّة بِمَا يَقوله النَّاس عَنك، غَير آَبهٍ بآرَائِهم فِيك، ولَا يُقلقك ثَنَاؤهم أَو نَقدهم، بَينمَا وأَنتَ فِي السِّتين، تُدرك الحَقيقَة الغَائِبَة وهي: أَنَّه لَا أَحَد فِي الحيَاة كَان مُهتمًّا بِك؛ للدَّرجَة التي كُنتَ تَظنّها طِيلة حيَاتك)..!
حَسنًا.. مَاذا بَقي؟!
بَقي القَول: أيُّها النَّاس، إنَّنا نُعطي أَهمِّية كَبيرة لرَأي الآَخَرين فِينَا، وأَحيَاناً نَزن أَفعَالنا وفق إيقَاعَات ردُود أَفعَالهم، ولَكن بَعد أَنْ نَكبر ونَتوغَّل فِي سِنين الحَيَاة، نُدرك أَنَّنا قَد بَلعنَا مَقلباً كَبيراً فِي أَنفسنَا، فلَا النَّاس اهتمَّت بِنَا، ولَا ضَربوا لَنَا أَي حِسَاب، وبذَلك نَكون ارتكبنَا حَمَاقَتين: حَماقة الاعتقَاد الخَاطئ بأنَّ النَّاس مُنشغِلُون بِنَا، وحَمَاقة أُخرَى وهي: ابتعَادنا عَن ذَواتنا والاستمَاع إليهَا؛ مِن خِلال تَلبية رَغبَاتنا، والاستجَابَة لمَشَاعرنا الدَّاخليَّة..!!

أحمد عبدالرحمن العرفج
T: Arfaj1
Arfaj555@yahoo.com



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

لكُلِّ مثابرٍ نصيب.. مِن دأب النجيب!