الخميس، 5 ديسمبر 2019

النفس البشرية ليست مثالية


الحبر الأصفر
النفس البشرية ليست مثالية

الإنسَان إمَّا أنْ يَكون سَويًّا، تَضمُّ نَفسه "الطِّيبَة والشَّر، والهدُوء والغَضَب، والسَّمَاحَة والانتقَام"، وإمَّا أنْ يَكون غَير سَوي، فيدّعي "المِثَالية"، ويَتبرَّأ مِن كُلِّ نَقيصَة، ويَظهر بمَظهَر الإنسَان المَلَاك دَائماً..!
إنَّني أَمقتُ المِثَالية، لأنَّها تَزوير للإنسَان، ودَائماً إذَا وَجدتم الشَّخص مِثَاليًّا أكثَر مِن اللَّازم؛ فضَعوا حَوله عَلَامة استفهَام كَبيرة، فهو إمَّا أنْ يَكون سَاذِجاً، وإمَّا أنْ يَكون مُمثِّلاً بَارِعاً..!
إنَّ الإنسَان الطَّبيعي يَغضب؛ إذَا استدعَى الأَمْر الغَضَب، ولذَلك قَالت العَرَب: (مَن استُغضب ولَم يَغضب، فهو عَديم الإحسَاس)، والإنسَان الطَّبيعي يَنزعج؛ إذَا حَلّ بِهِ مَا يَدعو للانزعَاج، ويَحزن إذَا أَلمَّ بِهِ الحُزن، وهَكَذَا.. أمَّا الإنسَان المِثَالي الذي يَدّعي التَّسَامُح؛ فهو غَير صَادق مَع نَفسه، ولَا مَع غَيره، مِن هُنَا يَجب عَلى الإنسَان الوَاعي إذَا جَاءه الشَّر؛ أنْ يَدفعه ويَردّه بالشَّر، لذَلك يَقول الشَّاعِر "أحمد شوقي":
وَالشَّرُّ إِن تَلْقَهُ بِالخَيرِ ضِقتَ بِهِ
ذَرعًا وَإِن تَلْقَهُ بِالشَّرِّ يَنْحَسِمِ
إنَّ القُرآن الكَريم جعل الثَّأر أَمْراً مَشروعاً ومَقبولاً، حِين قَال تَعَالى: (فَمَنِ اعْتَدَىٰ عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَىٰ عَلَيْكُمْ). أمَّا إذَا كَانت نَفس الإنسَان رَاقية، فقَد يَعفو، ويَسمو فَوق الثَّأر، طَالِباً الأَجْر مِن الله، وفي ذَلك يَقول القُرآن الكَريم: (فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ)..!
إنَّ المِثَالية سِلاحٌ خَدّاع، والإنسَان المِثَالي قَد يَخدع النَّاس مَرَّة ومَرَّتين، وحتَّى ثَلاث مَرَّات، ولَكن مَع الوَقت، يَأتي اليَوم الذي يَكتشف فِيهِ النَّاس؛ أنَّ صَاحب المِثَاليات مَا هو إلَّا مُخَادِع، فيَسقط مِن عيُونهم، ويَحتقرونه..!
حَسناً.. مَاذا بَقي؟!
بَقي أنْ نُذكِّر النَّاس بأنْ يَكونوا وَاقعيين، فلا يُسرفوا في القصَاص والانتقَام، ويُقدِّمون العَفو إذَا كَانوا مُقتدرين، ولا يُبَالغوا في التَّسَامح بدعْوَى المِثاليّة، فيَظهروا سَاذجين، أو مُمثِّلين بَارعين..!!!

أحمد عبدالرحمن العرفج
T: Arfaj1
Arfaj555@yahoo.com


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

لكُلِّ مثابرٍ نصيب.. مِن دأب النجيب!