آراء وكلمات في
ظاهرة بيع القصائد والمقالات
هُناك
أمور لا تَنفع مُناقشتها تَحت الطَّاولة، بَل يَجب أن تَرتفع عَن الطَّاولة؛ لنَتناقَش
فِيها وعَنها وحَولها مِن غَير مُوارَبة، أو مُجاملَة أو مُداهنَة..!
حَسناً..
مَا الدَّاعي لهَذه المُقدّمة..؟!
الدَّاعي
لَها أنَّ أحد الوجهَاء الأثريَاء اتّصل بي مُنذ أيَّام، طَالباً أن أكتُب لَه ثَلاث
مَقالات في الأسبوع، ليَنشرها باسمهِ، مُقابل رَاتب شَهري يَتجاوز العشرين ألفاً
في الشَّهر..!
والحَقيقة
أنَّني تَلقيتُ هَذا الطَّلب بشَيءٍ مِن الفَرح والسّرور، لَيس لأنَّني سأُوافِق،
بَل لأنَّ هَذه شَهادة عَلى جَودة قَلمي، وحُسن صيَاغته..!
لَم
يَكن الطَّلب لِي مُفاجئاً، لأنَّني لِي قصّة سَابقة مَع الشّعر في هَذا المجَال،
ففي التّسعينيات كُنتُ أكتُب شِعراً شَعبياً، وكُنتُ في ذَلك الوَقت أُقدِّر الكَلِمَة،
ومِن أصحَاب المبَادئ التي تَقول: "الكَلِمَة شَرف"..!
حِينها
اتّصل بِي أحد الوجهَاء، وطَلَبَ أن أبيعه بَعض القَصائِد، فاشمأززت وقرفت، ولَعنتُ
السَّاعة التي أكتُب فِيها الشِّعر، ومِن يَومها أعلنتُ انسحَابي مِن حَديقة الشّعر
الشّعبي، ولكنِّي الآن كَبرتُ وكَبر عَقلي، وأصبحتُ أكثَر إدرَاكاً؛ وأعمَق استيعَاباً
لمِثل هَذه المسَائل..!
مِن
هُنا أقول: دَعونا نُناقش المَسألة بعَقلٍ ومَنطق، بَعيداً عَن العَواطف والمبَادئ
وأقول: مَا المَانع أن يَبيع المَرء مَقالاته لبَعض الأثريَاء، ويَكون في هَذا تَحريك
للرّكود الاقتصَادي، وإعَادة لتَوزيع الثّروة بطَريقة حضاريّة..!
يَا
قَوم، مَا الفَرق بَين سروَال يَلبسه الثَّري صَنعه يَاباني، أو أن يَنشر مَقالاً
اشترَاه مِن عَرفوجي؛ والفُقهَاء يَقولون: (مَن دَفَع ثَمَن السّلعة فقَد امتلكها)..؟
لمَاذا يَخون كَثير مِن النَّاس كُلّ مَبادئهم، وإذَا وَصَل الأمر إلَى الكُتَّاب؛
قِيل لَهم تَمسَّكوا بمَبادئكم..؟!
أليس
مِن حَق فَقير اشتَغل عَلى نَفسه وتَعب، ورَزقه الله مَوهبة الكِتَابَة، أقول أليس
مِن حَق هَذا الفَقير أن يَبيع مَقالاته وكِتَابَاته؛ ليَحصل عَلى لُقمة عَيش شَريفة
نَظيفة..؟!
أليس
مِن حَقِّ الأثريَاء –أيضاً- أن يَتمتَّعوا بأموَالهم، وقَد حَازوا كُلّ شَيء مِن
الوجَاهة، إلَّا أنَّهم لَم يَحصلوا عَلى لَقب كَاتِب أو شَاعر..؟ أليس مِن حقِّهم
أن يَحصلوا عَلى هَذه الألقَاب بأموَالهم، التي اكتَسبوها مِن عَرَق جبينهم..؟!
حَسناً..
مَاذا بَقي؟!
بَقي
القَول: لقَد وَجدنا رِجَالاً يَسرقون الكُتُب، ووَجدنا رِجَالاً يَسرقون المَال
العَام، ووَجدنا رِجَالاً يَسرقون الحَدائق، فلمَاذا نَلوم هَذا الثَّري أو ذَاك
الوَجيه، حِين يَشتري بِـ"حُرِّ مَالهِ" قَصيدة أو مَقالة؛ تَنفع الثَّري،
وتُفيد الكَاتِب الفَقير..؟!!!
أحمد
عبدالرحمن العرفج
تويتر:
Arfaj1
Arfaj555@yahoo.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق