الخميس، 5 ديسمبر 2019

البغض والكراهية من خصائص البشرية


الحبر الأصفر
البغض والكراهية من خصائص البشرية

النَّفْس البَشريّة لَيست بالنَّقَاء الذي نَتصوّره، وحتَّى لَا يَلومني لَائم؛ سأُسَارِع إلَى تَأكيد ذَلك مِن كِتَاب الله، حَيث يَقول تَعالى: (وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا، فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا).. يَقول المُفسِّرون: إنَّ الله ابتَدَأ بالفجُور قَبل التَّقوَى، لأنَّ النَّفس البَشريّة تَميل إليهِ..!
وإذَا خَصَّصنا العَام، وتَحدَّثنا عَن النَّفس العَربيّة، سنَجد أنَّ الشرّ والفجُور وحُبّ الشَّتم؛ في النَّفس العَربيّة أكثَر مِن غَيرها، وفي ذَلك يَقول المُتنبِّي:
وَالظُّلْمُ مِنْ شِيَمِ النُّفُوسِ فَإِنْ
تَجِدْ ذَا عِفَّةٍ فَلِعِلَّةٍ لاَ يَظْلِمُ
ومِن الأدلَّة عَلى خُبث النَّفس العَربيّة؛ أنَّك تَجد العَرب كُرمَاء في الشَّتم، بُخلَاء في المَدح، ولَا عَجب في ذَلك، فقَاموس لِسَان العَرَب فِيهِ أكثَر مِن 500 كَلِمَة؛ تَدلُّ عَلَى الشَّتم والكُره، في حِين أنَّ كَلِمَات الحُب والثَّنَاء لَا تَصل إلَى 50 كَلِمَة..!
أكثَر مِن ذَلك، تَجد أنَّ النَّاس تَفرح بالمُتخَاصميْن، وتَفرح بالشَّخص الذي "يَمسح البلَاط" بشَخصٍ آخَر، لذَلك تَقول الأمثَال: "إنَّ الأخبَار السيّئة تَطير في كُلِّ مَكان"..!
وإذَا أَردنَا أنْ نُصغِّر دَائرة النّفوس، سنَخرج مِن دَائرة النَّفْس العَربيّة إلَى النَّفْس السّعوديّة، لنَجد أنَّ فِيها مَا فِيها مِن لُؤم وخُبث.. خُذ مَثلاً: عِندَما يَسألك صَديق عَن صَديق لَك تَعرفه، قَائلاً: "مَا رَأيك فِيهِ"؟ تَتهرّب وتَقول: "شَهادتي فِيهِ مَجروحَة".. ولَو تَأمَّلنا هَذه العِبَارة سنَجد فِيها احتيَالاً وتَهرُّباً؛ حتَّى لَا نَمدح مَن نُسأل عَنه، لأنَّ المَدح ثَقيل عَلى ألسنتنَا، بعَكس الشَّتَائِم..!
إنَّ المَنطق يَقول: إنَّ الإنسَان لَا يَتحدَّث عَنه إلَّا أصحَابه ومَعارفه، لأنَّهم يَعرفونه، أمَّا أُولئك البَعيدين عَنه، فلَيس لَهُم الحَق في تَقييم مَن يَجهلونه، لذَلك تَعالوا لنَشطب عبَارة: "شَهادتي فِيهِ مَجروحَة" مِن قَاموسنا..!
حَسناً.. مَاذا بَقي؟!
بَقي القَول: يَا قَوم.. عَليكُم تَنقية أَنفسكم وتَطهيرها بالحُب، ولتَتيمّموا بحُسن النيّة، واعلَموا أنَّ لَذّة الحُبّ أحلَى مِن لَذّة الكَراهية..!!!

أحمد عبدالرحمن العرفج
T: Arfaj1
Arfaj555@yahoo.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

لكُلِّ مثابرٍ نصيب.. مِن دأب النجيب!