الحبر الأصفر
التشفِّي
ببؤس البشر.. للهروب من اليأس والضجر!
بَدأتُ أَلمِسُ
انتشَار روح الإحبَاط؛ والفَرح بفَشل الآخَرين، واستدعَاء التَّشفِّي مَع كُلِّ مَرحلَة
إحبَاط؛ يَمرُّ بِهَا هَذا الشَّخص أَو ذَاك مِمَّن هُم حَولنَا.. سأَكون اليَوم صَريحاً،
وأُحدِّثكم عَن تَجربة مَررتُ بِهَا، لَعلَّكم تَلتَقطون مِنهَا مَا يُفيد؛ إذَا كَان
فِيهَا فَائِدَة..!
قَبل عِشرين
سَنَة، اجتَاحَتني عَاصِفَةٌ مِن الإحبَاط، وأَصبَح يَكبر ويَتحوَّل إلَى يَأسٍ وتَشَاؤم،
ثُمَّ كَبر وأَصبَح كالطِّفل، الذي يَبحَث عَن غِذَائهِ، ومَع الأَسَف أَنَّ غِذَاء
يَأسي وإحبَاطي -فِي ذَلك الوَقت- كَان يَتم عَبر تَتبُّع الأخبَار السيِّئَة؛ عَلَى
مُستوَى الدّول والأفرَاد، وكُنتُ بَين أَصحَابي أَنشُر، بَل أُسَارع بنَشر، كُلّ
مَا يَدعُو إلَى الإحبَاط، ويَقتَرب مِن السَّلبيَّة، ويُبشِّر بسقُوط هَذا النّجم
أَو ذَاك..!
لَا أُخفيكم
أَنَّ استقبَال وإرسَال الشُّحنَات السَّلبيَّة، وثَقَافة الإحبَاط، كَان يُحقِّق
لِي تَوازناً دَاخلياً، ويَحفظ لِي استقرَاري النَّفسي، لأنَّ المَوت مَع الجَمَاعَة
رَحمَة، فقَد كُنتُ فِي تِلك المَرحلَة، أَتأمَّل وأَتمثَّل قَول شَاعرتنا
"الخَنسَاء"، عِندَما قُتِل أَخوهَا، فكَانت تُسلِّي نَفسها وتَطرد حُزنها؛
مِن خِلال استحضَار المُصيبَة الجَمَاعيَّة، التي عَمّت الكُلّ، فكُلِّ مَن حَولهَا
يَبكي عَلى عَزيزٍ فَقده، لِذَلك قَالت:
ولَوْلا كَثرَةُ البَاكينَ حَوْلي
عَلَى إخوَانِهمْ لقَتَلْتُ نَفْسِي!!
أَكثَر مِن ذَلك،
كُنتُ فِي تِلك المَرحلَة –أَيضاً- أُردِّد عِبَارة تَكاد تَكون مَاركَة عَرفجيَّة،
يَحفظهَا أَصحَابي، ومَا زَالوا يُعيّرونني بِهَا، عِبَارة أُردِّدها فِي كُلِّ مَجلس
فأَقول: "يَا بوية، البَلد مَقلُوبَة"..!
حَسنًا.. مَاذا
بَقي؟!
بَقي القَول:
إنَّني أَعتَرف لَكُم بمِقدَار الخَطَأ؛ الذي ارتَكبته بحَقِّ نَفسِي، وبحَقِّ مُجتَمعي،
فِي تِلك المَرحلَة، وقَد كَان الإحبَاط واليَأس والسَّلبيَّة يَملَأون نَفسي، أَمَّا
الآَن، فالحَمدُ لله، قَلبي عَامرٌ بالإيمَان، وروحِي عَامِرَة بالجَمَال، وأَدعو
إلَى السَّعَادَة والجَمَال، وصنَاعة الحيَاة، واستيرَاد البَهجَة، واستدعَاء السّرُور،
عَبر مَنَافِذ الرّوح والأَمَل..!!
أحمد
عبدالرحمن العرفج
T: Arfaj1
Arfaj555@yahoo.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق