الخميس، 5 ديسمبر 2019

أدباء الفِلَاشَات ..!


الحبر الأصفر
أدباء الفِلَاشَات ..!

أشبَعنَا الأندِيَة الأدبيّة نَقداً وتَقريعاً، ولو كَان لَها عيون تُتابع مَا يَجري؛ أو قلُوب تَعقل أو تَستشعر المَسؤوليّة، أو آذان تَسمع الرَّأي، لانصرفْنَا إلى شؤوننا، وجَاوزنَاها إلى غيرها، لكن ثَقافتنا ابتُليت بصَنفٍ مِن البَشر يَتّخذونها وَجاهة، فلا نَرى أعضاء الأندية الأدبيّة؛ إلَّا حِينما تَحضر الفِلَاشَات؛ في مَواسم "التَّرزز"، التي لا تَنتهي إلَّا بسَفرِ المَسؤولين، لقَضاء إجازَاتهم السَّنويّة، ولا نَسمع أصوَات هَؤلاء الأعضَاء؛ إلَّا حِينما يُحوّلون قَضاياهم وخِلافَاتهم الشَّخصيّة؛ إلى قَضايا ثَقافيّة كُبرى، تُشرع لَها الصَّفحات الصَّفراء والبيضَاء، ومَا بَينهما..!
ولن نُضيف شَيئاً إنْ اجتررنا المَآخذ المُتجدِّدة -عَاماً بَعد عَام- عَلى الأنديَة الأدبيّة، مِثل حَشو بَرامجها الثَّقافيّة بفَعاليات، لا تَمتُّ للثَّقافة بصِلَة، مِثل أسبُوع إشَارة المرور، وأسبوع الرِّضَاعة الطَّبيعيّة، ودَورات تَحفيظ القُرآن الكَريم, ومُؤخَّراً انتَشرت ظَاهرة المُلتقيات الثَّقافيّة، إذ لَم تفلح الأنديَة الأدبيّة إلَّا في إقَامة الوَلائم، التي تَستقطب مَن مَازالوا يَسكنون في ذَاكرة الجوع، رَغم مَا آتَاهم الله مِن مَالٍ وجَاه..!
كُلُّ هَذا ليس بجَديد، لَكن الجَديد أنَّني فَرِحتُ بصُورة جَميلة؛ نُشرت في الصَّفحة الأخيرة مِن مُلحق الأربعاء، -الأسبوع قَبل المَاضي- لأعضَاء نَادي الرِّياض الأدبِي، في زيارةٍ لصَاحب السّمو المَلكي الأمير "سلمان بن عبدالعزيز" -أمير مَنطقة الرياض-، حيثُ ضَاقت بِهم الصُّورة –مَا شَاء الله تَبارك الله-، إذ لَم يَتخلَّف أحد مِنهم عَن "التَّصوير"، وأتحدَّى أن يَجتمع كُلّ هَؤلاء في مَبنى النَّادي، لحضور إحدَى فَعالياته المُهمَّة، وهَذا يَدفعني إلى اقترَاح مُهم، لتَفعيل الأنشطَة الثَّقافيّة في المَملكة، وهو أن يُنقل النَّادي الأدبِي إلى الدّور الأوّل؛ مِن مَبنى إمَارة الرِّياض، طَالما أنَّها كُلّها مَرافق حكوميّة، الهَدف مِنها خدمَة الوَطن والمُواطِن، وطَالما أنَّ بَعض العَاملين في مُؤسَّساتنا الثَّقافيّة؛ لا يُؤدُّون وَاجبهم دون رَقيب صَارم..!
وإنْ نَجحت التَّجربة في الرِّياض، أقترح تَعميمها عَلى كَافّة مَناطق المَملكة، لزيادة الفَائدة، وتَحقيق الأهداف المرجوّة مِن هذه المُؤسَّسات، التي يَسمع عَنها الإنسَان البَسيط في الإعلام، ولا يَرى لَها أثر عَلى أرض الوَاقِع..!
وغَني عَن القَول: إنَّ الأنديَة الأدبيّة لا تُعاني وَحدها مِن الفَراغ، بَل هُناك مُؤسَّسات ثَقافيّة واجتماعيّة أُخرى؛ تُخصَّص لَها المَباني والسيّارات والوَظائف، لَكن حين تَزورها، لا تَجد إلَّا "الفرَّاش"، الذي لا يَعرف مِن اللغة العَربيّة إلَّا كَلمَة وَاحدة، وهي "بَعد المَغرب"، وقَد لا تَجد أحداً حين تَعود بَعد المَغرب، لأنَّ غيَاب الرّقابة، جَعل القَائمين عَلى المُؤسَّسات الثَّقافيّة؛ يَنظرون إليها وكأنَّها "استرَاحات"، لتَغيير جَو البيت الخَانِق، للهروب مِن "أُم العيال"، لمُدّة سَاعة أو سَاعتين في الأسبوع، وقَد لا يَحضر أحدهم إلَّا لقَضاء حَاجة شَخصيّة، مثل تَصوير أورَاق، أو استخدام الأجهزة –إلَّا مَن رَحِمَ رَبّك-، فإذا لَم نَستطع إصلَاح مُؤسَّساتنا الثَّقافيّة، فعَلينا إغلاقها بالشَّمع الأحمر، وتَسريح العَاملين بها، لنَستفيد مِن مِيزانياتها في إصلاح المُستشفيات والمَدارس، وذَلك أكثر جَدوى،؛ لمَن أشغلته لُقمة العَيش عَن إشكاليّات القَصيدة العَموديّة، وتَهويمات مَن بَذروا ثَروات البِلاد، ونَشروا الفَساد.. وإنَّ رَبّنا لهم لبالمرصاد..!.

أحمد عبدالرحمن العرفج
Arfaj555@yahoo.com


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

لكُلِّ مثابرٍ نصيب.. مِن دأب النجيب!