الصّراخ المُنهمر
في فيس بوك وتويتر ..!
مِن
الوَاضح أنَّنا إزَاء إعلَام جَديد، لا قِبَل لرُؤسَاء التَّحرير التَّقليديين به،
ولا قُدرة لَهم عَلى مُجاراته للحَدِّ مِن قُدراته، أو الوقوف في وَجهه..!
وفي
كَارثة جُدَّة الأخيرة -أقول الأخيرة لأنَّه سيَكون هُناك مَا بَعدها، كَما كَان مَا
قَبلها، طَالما أنَّنا لَم نَتَّعظ بَعد- كَان الفَارس الأوّل والأخير هو الإعلَام
الجَديد المُكوّن مِن تويتر وفيس بوك ورَسائل الجوّال... وغيرها، التي نَقلت بكُلِّ
أمَانة وصِدق نَبض الشَّارع، وآلام النَّاس وتَطلُّعاتهم، وسأذكر قصَّة تُؤكِّد مَا
أقول..!
في
يَوم الجُمعة كَتبتُ في صَفحتي في الفيس بوك التَّعليق التَّالي:
ظهور
الفَساد بهَذا الشَّكل السَّافر يُشجِّع النَّاس، ويُعطيهم مُبرِّراً للتَّطاول
والنَّقد القَوي، حينها سنَكون أمام صراخ جَماعي، لا يُمكن إسكاته..!
كَتبتُ
ذَلك ولَم أمضِ في طَريقي، بَل ذيّلته بقَول: رَواه العَرفج، فشرَّق التَّعليق وغرَّب
في الأفهام، ليَطل عَلي أصدقاء –لا أستطيع ذكر أسمائهم دون إذن- بتَعليقات تُذكي
الحوار، وتَدفع دفّته أحياناً إلى مَناطق لَيست مَشمولة بالصَّرف الصِّحي وغير الصِّحي..!
حين
صَرخ الصَّديق الأوّل قَائلاً: صَوت الشّعوب لا تَقف أي قوّة في وَجهه للتَّحرُّر
مِن قيود الفَساد، رَد عَليه الصَّديق الثَّاني قَائلاً: الشَّعب هُنا مُسالم، لا
يَصرخ، اطمئن، السَّماء عَنهم تصرخ وترعد وتبرق، وتُمطر وتُدمِّر..! وذيّل تَعليقه
بتَوقيع: رَواه المَطَر..!
أمَّا
الصَّديق الثَّالث فقد أخذ الأمور عَلى مَحمل الجِدّ، قَائلاً: إذا لَم يَتم تَدارك
الوَضع بحلولٍ عَاجلة "حقيقيّة" ومَلموسة، فإنَّ الوَضع سيَزداد سُوءاً..
ولَم يَنس الصَّديق أن يُثنِي عَلى روايتي بقَوله: رَواه العَرفج بسَندٍ صَحيح..!
عندها
تَدخَّلت لأعيد الحوار إلى مَساره الصَّحيح، قَبل أن يَتشعَّب ليَشمل الرَّئيس المَخلوع،
والرَّئيس المُرشَّح للخَلع، قَائلاً: يَا أصدقائي، كُنتُ سأبكي عَلى جُدَّة، ولَكنني
خشيتُ أن لا أجد مَكاناً لتَصريف دموعي..!
فجَاء
صَوت مِن المَدينة، يُحاول أن يُقنعنا بأنَّنا كُلّنا في الهَمِّ غَرقى، قَائلاً:
إن كُنتَ مَديني، أنصحك بالالتفات إلى الدَّائري الثَّاني، فهو مُهيَّأ كجُدَّة
لاستقبال دَمعك، دُونما أدنى تَصريف. ثُمَّ خَتم تَعليقه قَائلاً: رَواه بن لادن مُنفِّذ
الطَّريق، وليس الآخر..!
لَكن
أحد الأصدقاء أعلاه عَاد مُجدَّداً للتَّعليق، وأعادنا إلى محور النّقاش، قَائلاً:
في سورة يُوسف هذه الآية: (إِن يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَّهُ مِن قَبْل). وفي
أمَانة جُدَّة: (إن يَسرق فقد سَرق لَه قَريب مِن قَبل). ثُمَّ تَوجَّه إلى ضفّة
المُناشدة، قَائلاً: أبا متعب حبيب الشَّعب أيُّها العَزيز: مَسَّنا الضُّرّ
وأهلنا، وإنَّا نَنتظرك تَقطع دَابر الفَاسدين..!
فعَاضده
صَديق آخر بقَوله: الفَساد استشرى كالسَّرطان، لدَرجة أنَّه أصبح مُنظَّماً ومُتغلغلاً
لما يَفوق الثَّلاثين عَاماً، ولائحة الاتهام لَم يَخلُ مِنها كَبير ولا صَغير، رَواه
هشام وأسنده للعَرفج رَضي الله عَنه وعَن أهالي جُدَّة..!
ثُمَّ
دَخل صَديق عَلى الخَط مُداعباً غروري، بقَوله: مَا أنقَى مَا قُلت، فأجبته عَلى
الفَور، قَائلاً: قَبلت السَّند، فقَال صَديق آخر: سَند حَداثي مُعاصر، يَرى بأم
عينه، ولا يَجترّ مِن الوَراء..!
فتَدخَّلت
مَرَّة أُخرى، قَائلاً: هَذا مَا نَحتاج يا أخ العَرب والعَجَم، ولَيت إخوتنا في
اليَابان يَخترعون لَنا سيّارات تُناسب خصوصيّتنا، بحيثُ تَسبح فَوق المَاء وتَطفو
عَليه..!
ولَم
تعجب هَذه الفِكرة صَديقاً آخر، حيثُ قَال: إن اخترعوها لَم أعُد أثق في شَيء، فستَأتي
بمُواصفات خَليجيّة لكي تُناسب الأجواء، وبَين المُواصفات والمَقاييس المحليّة
ومعيار الجَودة خَط رَفيع جدًّا يَطول ويَقصر بحَسب......!
حَسناً..
بَعد أن أنوّه أنَّ الصَّديق هو الذي تَرك الفَراغ.. مَاذا بَقي..؟!
بَقي
القَول: إنَّ هَذه فِكرة، ومُداخلاتها كُلّها تَمَّت في خمسِ دَقائق، وأنا مُتأكِّد
أن كُلًّا مِنَّا لَديه عَشرات التَّجارب في اليَوم والليلة، الأمر الذي يَجعلنا نُفكِّر
بجدِّية في دراسة تَصريف الدّموع، وتَلمُّس احتياجات النَّاس، قَبل أن نَغرق في
سيولٍ أُخرى، وهي سيول الصّراخ والزّعيق، الذي سيَأتي مِن كُلِّ زَاوية ونَاحية..!
أحمد
عبدالرحمن العرفج
Arfaj555@yahoo.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق