الحبر الأصفر
هل أتمادى في
الرقصات.. أم "أبطّل" حركات؟!
لَا
أغشَى مَجلساً مِن المَجَالس العَامَّة والخَاصّة؛ إلَّا ويَسألني النَّاس عَن
السّجع في المَقَالات، وتَشكيل الحرُوف، وتَزايُد هَذه الأسئِلَة يَدفعني للإجَابة
عَنها بمَقالٍ -كهَذا-، ولَن أتحدّث اليَوم عَن السّجع، لأنَّ لَه مَعي حِكَاية أُخرَى
تَستحق مَقالاً آخَر، بَل سأتحدَّث عَن التّشكيل الذي يُؤيّده خَلقٌ كَثير، ويُعارضه
خَلقٌ كَثير..!
وقَبَل
أيَّام، أرسَل لِي مَعالي الفَريق -الشّاعر الصّديق الاتّحادي- "أسعد عبدالكريم"
رِسَالة يَقول فِيها: (لَكَ عِندي رَأي، جَرّب مَا تشكّل الحرُوف، أنَا أُرَاهن أن
قُرّاء مَقالَاتك سيزيدون، وأكيد عندك حَصيلة عَن عَددهم الآن.. حَاول كِدَه وجَرّب
وأنتَ عَلى كيفَك)..!
هَذه
الرِّسَالة "الأسعديّة" ولّدت عندي فِكرة مَقال؛ يُساهم في تَوطين حريّة
التَّعبير، وتَعدُّد الآرَاء، وتَنمية الحوَار، طَالَمَا أنَّ أعلَى القِيَادَات
في البلَاد تَحثُّ عَلى الحوَار، وتُخصِّص لَه المَراكِز والمُؤتمرَات..!
لذَلك
أصبَحتُ حَائراً أمَام الاستمرَار بالتّشكيل، أو الإقلَاع عَنه، وكَأنَّني ذَلك
الحِمَار المسكين الذي يَقف في مُنتَصف الطَّريق، لا يَدري هَل يَذهب إلَى اليَمين،
أو إلَى الشِّمَال؟ أم إلَى فوق، أو تَحت؟ أم إلَى الأمَام، أو الخَلف؟ فالمُؤيّدون
لإلغَاء التَّشكيل يَقولون: أنَّه يشوّش عليهم أثنَاء قِرَاءة المَقال؛ في الأجهزَة
الذّكية، والكمبيوترَات العَبقريّة، كَمَا أنَّ النَّاس تَعوَّدوا عَلى أنَّ الضَّبط
بالشّكل –عَادةً- يَكون في النّصوص الدِّينيّة، ولا يَتجَاوزها إلَى غَيرها..!
أمَّا
المُؤيّدون لاستمرَار التّشكيل فيَقولون: أنَّه زينة للنّص وأُبّهة لَه، حَيثُ يَمنحه
رَونقاً ورَسماً، كَما أنَّ الضّبط بالشّكل يَتحكّم بتَحرُّكَات المَعاني ليَضبطها،
فمَثلاً حِمْص –حَمَى الله مَا تَبقَّى مِنها- لَو تُركت مِن غَير ضَبط؛ لقُرئت بثَلاثة
احتمَالات، الاحتمَال الأوّل: حِمْص بكَسر الحَاء وتَسكين المِيم، وهي المَدينة
التي كَسرَها العدوَان، والاحتمَال الثّاني: حُمُّص بضَمّ الحَاء وتَشديد ضمّة المِيم،
وهو طَبَق بمَثَابة "فول أهل الشَّام"، أمَّا الاحتمَال الثَّالث فهو
حَمَص بفَتح الحَاء والمِيم، وهو فِعلٌ تَتحوَّل فِيه الحُبوب مِن لَونٍ إلَى لَون،
ويُقال: حمَصَ يَحْمِصُ، ومِنه أُخذت كَلِمَة "مَحَامِصْ"..!
حَسناً..
مَاذا بَقي؟!
بَقي
القَول: هَذه الزَّاوية مِنكُم وإليكُم، فأرشدُوني يَا قَوم، هَل أتوكّل عَلى الله
وأستمرُّ في التَّشكيل؟ أم أتوب إلَى ربّي وأقلع عَنه إلَى غَير رَجعة..؟!!!
أحمد
عبدالرحمن العرفج
تويتر:
Arfaj1
Arfaj555@yahoo.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق