الخميس، 5 ديسمبر 2019

تَواصُل التَّمايُل مِن أدَب الرسَائل ..!


تَواصُل التَّمايُل مِن أدَب الرسَائل ..!

أدَب الرَّسائل فَنٌّ عَربيٌّ أصيل، ضَاع في زَحمة الطَّفرة، وفَوران الحيَاة المُعاصرة، التي لَم تُبقِ ولَم تذر مِن جَماليّات الآدَاب والفنُون، إلَّا مَا تَيسّر مِن بَعض الرّواية، وشَيء مِن الشِّعر المَحكي السَّقيم، ومَع هَذا حاولتُ أن أُعيد أدَب الرَّسائل إلى الوَاجهة، رَغم أنَّ هَذه المُحاولات مُتواضعة، وعَلى "قَدِّ حَالي"، ويُحمد لَها –فَقط- أنَّها صَديقة للبيئة بفَضل التَّقنية الحَديثة..!
حَسناً.. لنَدخل في الموضُوع: لَديَّ مَجموعة بَريديّة تَحوي أكثَر مِن ألفي شَخص، أُمارس مَعهم أدَب "التَّمايُل" -أي المُراسلة عَبر الإيميل-، وبَين فَترةٍ وأُخرى أُرسل لَهم رِسَالة تَقول: إنَّني سَعيد بأن أُرسل لَكم رغيفي الثَّقافي اليَومي، فهَل أنتُم سُعداء بهِ..؟! إذَا كَان بَينكم مَن لا يَرغب فيهِ، فليُخبرني، وسأكُون أكثَر سَعادة..!
والسَّبب في إرسَال هذه الرِّسالة يَعود إلى: الحَذَر مِن الوقُوع في فَرض إرسَال الإيميل إلَى مَن لا يُحبّه، كَما أنَّني أكرَه أن يَجلس أحدُهم في المَقهى مدلدلاً رجليه، وسَاحباً نَفساً مِن الشّيشة قَائلاً: "والله أحمد هَذا علّة، أزعَجني بإيميلاته"..!
حتَّى لا أسمع مِثل هَذا الكَلام؛ أُجدِّد إقَامتي -كَما يُجدّدها أي مُقيم- كُلّ سَتة أشهُر، ولله الحمد لَم تَصلني سوى رسَالتين تَقول: "لا أرغَب"، تُقابلها أكثَر مِن 100 رسَالة لطَلَب العضويّة شَهرياً..!
وهَذه طَائفة بَسيطة مِن تلك الرّدود؛ التي تُعتبر بدَاية لأدب التَّمايل، حيثُ يَقول الدّكتور والمُؤرِّخ المَعروف "عبدالله العسكر" في ردِّه: (أخي أحمد أرغَب وبقوّة، وليتك تُضيف إلى الرّغيف المَرَق، عَلى رَأي الشَّاعر "رميزان" الذي عَاش في القَرن العَاشِر الهِجرِي، حيثُ قَال:
(وش ما حلى يا رميزان
قال الخبز يا سيّدي
وش ما على يا رميزان
على المَرَق يا سيّدي)
أمَّا المُذيع اللامع الأستاذ "علي الظفيري"، فقَال: (أخي العَزيز أحمد: لا أرغَب أن يَنقطع رغيفك اليَومي).. ولا يخفى عَلى القَارئ أنَّ صَديقنا "عَلي" يَستخدم أدوَات المهنَة في كَلِمَة "لا أرغَب"، وكأنَّه يُلفت الانتبَاه لحِيل قَناة الجزيرة الصّيَغِية..!
وجَاء رَدّ صَديقنا الصَّحفي "عبدالله الطيّاري"، قَائلاً: (أخي أحمد لا تَتردَّد في الإرسَال، فقد أصبَحَتْ هُناك أُلفة بَيننا وبَين رَسائلك)..!
وقَال الصَّديق "هلال الحارثي": (أُرحِّب بالرّغيف، خَاصّة وهو سَاخن قَادم مِن لَندن؛ إلى مَدينة الطَّائف البَاردة أيضاً)..!
أمَّا الصَّديق "سعود البلوي" الكَاتِب في صَحيفة الوَطن، فقَال: (سأرفَع ضدّك قضيّة، وسأقوم بثَورة الرّغيف إذَا حَرمتني مِنه)..!
وجَاء جَواب مُثقّفنا وعَامل المَعرفة، وصَاحب المُؤلّفات التَّوثيقيّة الأستاذ "حسين بافقيه"، قَائلاً: (أخي المنشئ الأكبر أحمد العرفج.. لو أنّكَ رَغبتَ في أن أبعَث إليك برسَالة يَوميًّا؛ لأُؤكِّد لك فِيها حَمَاستي لِمَا تَكتبه كُلّ يَوم لفَعلت، فاصبر لعَادَاتنا التي عَوّدتنا، أو أرشدنا إلى مَن نَذهب)..؟!
وقَال مُعدّ البَرامج في بانوراما FM الصّديق "بندر الحميد": (أُعلن وأنَا بكَامل قواي العَقليّة أنَّي لا أرغب.. نَعم لا أرغَب أن تَقطع عنّا هَذا الرّغيف اليَومي اللّذيذ، حتَّى لا نَشكوك لحقوق الإنسَان، ويَشتكينك الزّميلات الفَاضلات لحقُوق الأبقَار)..!
أمَّا الكَاتِب المُقلّ والقَارئ النّهم "عاتق الشريف"، فقَال: (حَبيب الكُلّ -رَغم أنوف القلّة- أحمد.. لا نَستطيع الاستغنَاء عَن زَادكم اليَومي المُمتع، الذي نَتغذّى بقرَاءته والتهَامه بلذّة ومُتعة، ومَن لا يَفهم مَقال "أحمد العرفج" فهو يَقرأه بسَطحيّة، ولا يَستطيع قرَاءة الإبدَاع فِيما بَين السّطور وهَذا مَا يُميّزك.. وقَديماً قَالوا لـ"الفرزدق" -عَلى مَا أعتقد-: "لمَاذا لا تَأتي بكَلام يَفهمه النَّاس، فقَال لَهم: ولمَاذا لا يَرتقي النَّاس لفَهم كَلامي"..؟!
أنتَ كَاتِب مُبدع في زَمن لا تُريد النَّاس فيهِ إلَّا المَدح والتملّق، ولا يُريد القَارئ أن يَقدح زنَاد فِكره ليَستوعب الفِكرة، لأنّه سلّم أمره وشَخصيّته لآخرين، يُوجّهونه كَما يَشاؤون، ولكي يُريح نَفسه يلصق التّهم والمُفردات التي غُذّي بِها مِن دُون مُراعاة لأمَانة الكَلِمَة التي تَخرج مِنه، لَكن أحياناً يَأتينا الرّغيف "بَايت"، وقَد فَكرتُ أن أشكُوك لصحّة الكَلِمَة لتُقاضيك وتُكلّفك غَرامة، فاعتبر ذَلك تَهديداً ضَعيف اللهجَة)..!
حَسناً.. مَاذا بَقي؟!
بَقي القَول: إنَّ هَذه بَعض رَسائِل الأحبَاب والأصدقَاء، ولَو كَانت مساحة هَذه الزَّاوية تَكفي لأكثَر مِن ذَلك؛ لنَشرت كُلّ التَّفاعلات والمَقالات، والرَّوابط والمَعلومات، والرَّوافد والفَوائد والرَّسائل، عرفَاناً لأصحَابها الأفَاضل، وتَوثيقاً لأدَب التَّمايُل..!

أحمد عبدالرحمن العرفج
تويتر: Arfaj1
Arfaj555@yahoo.com


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

لكُلِّ مثابرٍ نصيب.. مِن دأب النجيب!