الحبر الأصفر
الكاتب المتنوِّر مجرّد قارئ متطوِّر
الكَاتِب الجَاد هَاجِسه المَعرفَة
والبَحث، والقِرَاءَة المُستمرِّة والاطِّلَاع الدَّائِم، فلَا يَتوقَّف عِند حَدِّ،
ولَا يُعيقه سَدّ أَو صَدّ..!
لقَد قَال شَيخنا "أبوسفيان
العاصي" ذَات مَرَّة: (مُهمّة الكَاتِب هي تَحريك الرّؤوس، ولَيس إضعَاف النّفوس)..
وحَتَّى يَصل الكَاتِب إلَى القيَام بهَذه المُهمَّة، عَليه أَنْ يَتدثَّر بثيَابِ
البَحث، ويَتزمَّل بغطَاءِ الاستقصَاء، واللَّهث خَلف المَعرفَة، ولَكَ أَنْ تَتخيَّل
أَنَّ كَاتِباً عِملَاقاً مِثل "أنيس منصور"، لَه أَكثَر مِن 70 كِتَاباً،
ومَع ذَلك حِين سُئِل ذَات مَرَّة؛ فِي لِقَاء تِلفزيوني –فِي لَيلة رَأس السَّنَة-
عَن أُمنيَّاته وطمُوحَاته فِي السَّنَة الجَديدة، فقَال: (أَنْ أَقرَأ أَكثَر، وأَكتُب
أَسهَل.. فأَنَا أَشعر بأنَّني صَغير جِدًّا عِندَما أَكتُب، فالذي أَعرفه قَليل،
والذي أُريد مَعرفته كَثير، وهَذا مَصدر عَذَابي، وكُلّ مَا أَتمنَّاه أَنْ تَتحقَّق
لِي الرَّاحَة؛ فِي عبُور هَذه الفجوَة الهَائِلَة، بَين الذي أَعرفه، والذي أُريد
أَنْ أَعرفه، ولأنَّ الذي أَطلبه صَعب جِدًّا، كَان شعُوري بأنَّني صَغيرٌ جِدًّا،
قَصيرٌ جِدًّا، عَاجِزٌ جِدًّا.. لَيس هَذا تَواضُعاً، ولَكنَّها الحَقيقَة)..!
إنَّ الكَاتِب الجَاد، "زَاده"
القِرَاءَة، و"بَنزينه" الاطِّلَاع، والحِرص الزَّائِد والتَّعطُّش إلَى
المَعرفة، والبَحث عَنها باستمرَار.. وإذَا لَم يَفعل هَذا، فستَكون كِتَابَاته هَزيلة
ضَعيفة، تُعَاني مِن أَنيميا المَعرفَة..!
إنَّ الكِتَابَة –فِي أَبسَط صورهَا-
هي عَلَاقَة حَميمَة بَين الفِكر والأسلُوب، ولَكنَّهما لَا يَكفيان، مَا لَم يَكُن
الكَاتِب مُدمناً عَلى مُتَابعة كُلّ مَا يُستَجدّ، فِي عَالَم المَعرفَة، وإذَا تَوقَّف
عَن الرَّصد والمُواكَبَة، فإنَّ قِطَار الوَعي والمُعَاصرة والتَّجديد؛ سيَفوته
بالتَّأكيد..!
حَسنًا.. مَاذا بَقي؟!
بَقي القَول: لَن أُوصيكم بشَيءٍ هَذه
المَرَّة، لأنَّني مَشغولٌ بإصلَاح نَفسي، وحَثّها بثَلاثة أَشيَاء هي: القِرَاءَة،
ثُمَّ القِرَاءَة، وشَيءٌ ثَالِث هو القِرَاءَة..!!
أحمد عبدالرحمن العرفج
T: Arfaj1
Arfaj555@yahoo.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق