الخميس، 5 ديسمبر 2019

القَول المُختصر في آدَاب دخول تويتر ..!


القَول المُختصر في آدَاب دخول تويتر ..!

مُشكلة العَرَب أنَّهم تَوقّفوا عَن النّمو مُنذ ألف سَنة، فلَم يَعُد بَينهم مَن يَطمح إلى تَجديد نَظريّة، أو زَحزحة مَفهوم، أو إغنَاء مَنهج، لذلك هُم يَجترّون مَا قَاله الأسلَاف ليُطبّقوه عَلى مَا بَينهم مِن أخلَاف، وكُلّ الذي يَقومون بهِ لَيس أكثَر مِن نَفض الغُبار عَن السَّابِق، ليَكون في خَانة اللَّاحِق، أو -كَما هي لُغة أهل الجَوازَات- أنَّ كُلّ عَملهم لَيس أكثَر مِن استقدَام مَفهوم تُراثي غَابر، مِن خِلال كَفيل حَديث مُعاصر..!
يَا قَوم: إنَّني أُجزم أنَّ "الجَاحظ" لَو كَان بَيننا الآن لكَتَب لَنا كرَّاسة صَغيرة أو مُذكِّرة حَول آدَاب إرسَال الإيميل، أو دُعَاء دخول الفيسبوك، أو آدَاب تَويتر، طَالما أنَّ كُلّ شَيء في حياتنا لَه آدَاب وأدعية، فهُناك مَثلاً دُعاء ركوب الدابَّة، ودُعاء الطَّريق، وهُناك دُعاء الجِماع، وسلوكيّات الجَار..!
ونَظراً لأنَّ "الجَاحِظ" لَيس بَيننا، فإنَّ صَديقنا الأستاذ "سعد الرفاعي" قد أطلق عَليَّ مَرَّة لَقب "جَاحِظنا المُعاصر"، لذلك سأتكفّل –وأنَا الجَاحِظ الصَّغير- بإصدَار مُذكّرة مُشابهة لما يُصدره الجَاحِظ الكَبير..!
حَسناً.. مِن آدَاب تويتر أن يُشارك المَرء فيهِ باسمه الصَّريح، ويُكْرَه في صَفحة تويتر تَغطية الوَجه، إلَّا إذَا كَان وَجه المُشارك أو المُشاركة عَورة أو قَبيحاً، لذا وَجب سَتره..!
كَما أنَّ مِن آدَاب استخدَام تويتر أن تُضيف مَن أضَافك، فلا تَكن نَذلاً وتَجعل النَّاس يَدخلون مَنزلك، وأنت مُتكبِّر مُتجبِّر مُتعالي، لا تغشى مَنازلهم..!
ومِن آدَاب تويتر أيضاً، الأمَانة في النَّقل، فلا تَكن فَاسقاً تَنقل الأكَاذيب أو الشَّائعات، أو حتَّى تُغيِّر في أقوَال الآخرين وتنسبها لنَفسك، كَما هو ظَاهر للعيان الآن لبَعض مَن يَرتاد تويتر أو يغشى سطوره..!
كَما أنَّ مِن آدَاب تويتر أيضاً أن تتّقي الله، ولا تَكتب إلَّا مَا يَسرّك أن تَراه يَوم القِيامَة، لأنَّ الكُلّ يَعلم أنَّ المَرء في تويتر رَقيب نَفسه، وخَصيم ذَاته، وهنا تَبدو المَسؤوليّة الحقيقيّة للإنسَان، حين لا تُفرض عليه وصاية، ليَكون هو في نَهاية الأمر وصيًّا عَلى نَفسه، وبَصيراً عَلى أقوَاله، ورَقيباً عَلى أفعَاله..!
ومِن آدَاب تويتر أن لا يَدور المَرء حَول ذَاته، بحيثُ يَضع رَابط مَقاله، ثُمَّ يُولّى الدُّبر وكأنَّه فَأر مَذعور، فَرّ مِن قطط مُتحضّرة، فلا تَكن أيّها التّويتري الأصيل أنانياً، ضَع رَابطك، وشَارك بمَواد أُخرى، طَالما أنَّ مَقالك يُمكن الرّجوع إليه في الصَّحيفة التي يُنشر بِها..!
حَسناً.. مَاذا بَقي..؟!
بَقي القَول: إنَّ هَذه المَقالة هي فَاتحة لمَقالات أُخرى، وفي قَادم الأيّام سأكتب عَن أدعية دخول تويتر والفيسبوك، كما سأكتب مَقالاً بعنوان: "نَشر الإكليل في آدَاب استخدَام الإيميل"، ومَقالاً بعنوان: "اللكْلَكَة مِن آفَات الفَسْبَكة"، وسأعرّج عَلى مَا رَواه شيخنا "أبوسفيان العاصي" عِندَما قَال: "التَّوترة خَيرٌ مِن الفَسْبَكة"..!.

أحمد عبدالرحمن العرفج
Arfaj555@yahoo.com


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

لكُلِّ مثابرٍ نصيب.. مِن دأب النجيب!