الخميس، 5 ديسمبر 2019

وهل أتاكم النداء بأن الكتابة مهنة خرقاء ؟!


الحبر الأصفر
وهل أتاكم النداء بأن الكتابة مهنة خرقاء ؟!

الكِتَابة مِهنَة وحِرفة شَأنها شَأن كُلّ الحِرَف الأُخرَى؛ التي تَحتَاج إلى صُقل وتَدريب، وتَهذيب وتَشذيب، وهي صَنعَة، لذَا سمَّي شَيخنا "أبي هلال العسكري" كِتَابه: "سِرّ الصّناعتين" ويَقصد بِهما "الشِّعر والنَّثر"..!
ولَكن –ومَا بَعد لَكن مُزعج أحيَاناً- الكِتَابة مِهنَة خَرْقَاء ومُستباحة الحِمَى.. يَدخلها مَن شَاء ويَمتطيها مَن يُريد..!
ولَيس للقَلَم هُنا اعترَاض، فمِن حَق كُلّ مُواطِن ومُواطِنَة أن يُجرِّب مَهارَاته، ويَستعرض عَضلاته.. فالميدَان يُرحِّب بكُلِّ حميدان..!
غَير أنَّ المُرَاد في هَذا المَقال تَوضيح أنَّ الكِتَابة مِهنَة لا تَحمي نَفسها، ولا تُدافع عَن ميدَانها، لذَلك صَارت جِدَاراً قَصيراً يَتسلّقه كُلّ مَن أرَاد أو رَغب..!
دَعوني أشرَح الأمر قَليلاً، خذُوا مَثلاً: مِهنَة الكَهربَائي، لا يَمتهنها إلَّا العَارِف المُتخصِّص.. لأنَّ الكهربَاء لَو عَبث بِهَا مَن لا يَعرف، لانتَقَمَت مِنه، وطَرحتهُ قَتيلاً قَائلة: "هَذا جَزاء مَن يَعبث بِي"..!
مِثالٌ آخَر: مِهنَة الكِيميَاء، لا يَقترب مِنها إلَّا المُتخصِّص، ولَو عَبثَ بهَا غَير العَارِف؛ لانفَجرت بوَجهه وشَوّهته –مدَى الحيَاة-، وهَذا عِقَاب مَن يَدّعي مَعرفة مَا لا يَعرف..!
مِثَالٌ ثَالث: خُذ مِهنَة "اللّعب"، وهي مُجرَّد لعب، لا يَدخل فِيها إلَّا مَن يُجيدها، وإذَا لَم يَكن مِن أهل اللّعب فستَفضحه ليَاقته ومَهَارَاته، وبالتَّالي سيَرميه الجمهُور في "مَزبلة الطَّرد"..!
بَعد كُلّ هَذه الأمثلَة، دَعونا نُطبِّق هَذا المبدَأ عَلى الكِتَابة، سنَجد العَجَب العُجاب، لأنَّ الكِتَابة مِهنَةٌ خَرقَاء لا تَحمي نَفسها، فالطَّالب والوَجيه، والدَّاعية والغَفير، والشَّخص العَادي وغَير العَادي، كُلّ هَؤلاء مِن المُمكن أن يُمارسوا مِهنَة الكِتَابة، دون أن يَعترض عَليهم أحد.. ومِن المُمكن أن يُحضر أي وَاحد مِن هَؤلاء شَخصاً يَكتب بَدلاً عَنه ويُصحِّح لَه.. إلخ..!
حَسناً.. مَاذا بَقي؟!
بَقي القَول: تَأمَّلوا هَذه المُفارقة العَجيبة التي تَقول: الكِتَابة مهنة الجِدّ؛ لا تَحمي نَفسها.. واللّعب مهنة التَّسلية؛ تَحمي نَفسها، فلا يَدخلها إلَّا المُحترف المُجيد..!!!

أحمد عبدالرحمن العرفج
تويتر: Arfaj1
Arfaj555@yahoo.com


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

لكُلِّ مثابرٍ نصيب.. مِن دأب النجيب!