الحبر الأصفر
الإصابة في شروط الكتابة..!
عِندَما أَذْهَب إلَى المَكْتَبَة، أُشَاهِد عَلَى الأَرفُف عَشرَات
الكُتب؛ التي تَصدر كُلّ شَهر، لأُناسٍ لَم يَتمرّسوا في الكِتَابَة، ولَم يَتوضّؤوا
بالقِرَاءة حَقّ الوضُوء، ولَم يَتيمّموا بشَيءٍ قَليل مِن صَعيد المَعرفَة، التي
تَعمّ الأركَان، وتَملأ الاتّجَاهَات..!
مِن حَق الإنسَان أنْ يُجرِّب، ولَكن لَيس عَلى حِسَاب المَعرفة، لأنَّ
صَدمة القَارئ بكِتَابٍ رَديء سَطحي، قَد تَجعله يَلعن القِرَاءة، و"يَلعن أَبوالسَّاعَة
التي قَرَأ فِيهَا"، مِن هُنَا لَابد لرَاغِب التَّأليف والتَّصنيف؛ أنْ يَتزوّد
بالقَدْر الذي يَسمح لَه بالمَشي عَبر الجِسْر، حتَّى يَعبر إلَى القُرّاء..!
أيُّها الرَّاغِب في التَّأليف، لَا تَستكثر أنْ تَمْكثَ سَنوَات طَويلَة،
تُنفقها في تَأليف كِتَاب وَاحِد، لأنَّ القَارئ سيَشعر بذَلك الجُهد ويُقدّره،
وتَلمَّس الحِكْمَة عِند عَميد تَطوير الذَّات، الخَبير العَالمي "إبراهيم
الفقي" –رَحمه الله-، حَيثُ قَال في مُقدّمة كِتَابه "البَرمَجَة اللُّغويّة
العَصبيّة": (إنَّ هَذا الكِتَاب قَادر عَلى تَحسين حيَاتك، ولَكن بشَرط أنَّ
المَعلُومَات الوَارِدَة فِيهِ لَن تَعمل لصَالحك؛ إلَّا إذَا صَمَّمتَ حَقًّا عَلَى
الاستفَادَة مِنهَا وتَطبيقها فِعلاً.. فهَذَا الكِتَاب هو مُحصلة مَا يَزيد عَن
25 عَاماً مِن التَّجربَة؛ والدِّرَاسَة والتَّدريب.. ولَكن فَوق ذَلك كُلّه -وأنَا
حَقًّا أعتَرَف بذَلك- هو نَتيجة أخطَائِي الشَّخصيّة؛ التي أَضَاعَت عَليّ العَديد
مِن الفُرص والأصدقَاء)..!
ثُمَّ يَختم "الفقي" كَلامه بقَوله: (قَال عَاقِل ذَات يَوم:
"تَعلّم مِن أخطَاء الآخرين، حَيثُ أنَّك لَن تَعيش مَا يَكفيك مِن العُمر؛ كَي
تَرتكبها كُلّها بنَفسك". اتّخذ قَراراً وَاعياً اليَوم، واستَغلّ هَذه المَعرفَة
لصَالحك)..!
حَسناً.. مَاذا بَقي؟!
بَقي أنْ نُؤكِّد عَلى أَهمّية الاطّلاع والتَّجريب، والبَحث
والاستقصَاء قَبل التَّأليف، ولنَتعلّم مِن أخطَاء مَن كَان قَبلنا مِن المُؤلِّفين،
أُولَئك الذين سَلقوا كُتبهم، وقَدّموها للقُرّاء، فأصبَحت فَوق الأَرفُف مَهجورة
مَنبوذة، وكَأنَّها بَيضٌ فَاسِد تَحلّل مَع الزَّمَن..!!!
أحمد عبدالرحمن العرفج
T: Arfaj1
Arfaj555@yahoo.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق