الثلاثاء، 3 ديسمبر 2019

تَغييب المَرأة ..!


تَغييب المَرأة ..!

كُلّ المُؤشِّرات تُشير إلى أنَّ المَرأة كَانت مُهمَّشة في السَّابق، واستمر هَذا التَّهميش حتَّى الوَقت اللاحق، ولا نَدري هَل سيَستمر هَذا التَّجاهُل لَها، أم أنَّ الأيَّام تَحمل لَها المُفاجآت..؟!
في السَّابق، وبالتَّحديد في أيَّام الخَليفة "عمر بن الخطاب" -رضي الله عنه- نَعرف أنَّ امرَأة رَدَّت عَلى سيّدنا عمر وصوّبته، فقَال عمر قَولته الشَّهيرة: (أخطأ عمر وأصابت امرأة)..!
والقصَّة باختصار تَقول: صَعد "عمر بن الخطاب" -رضي الله عَنه- يَوماً المنبر، وخَطَب في النَّاس، فطَلب مِنهم ألَّا يُغالوا في مهور النِّساء، لأنَّ رَسول الله -صلّى الله عَليه وسلّم- وأصحَابه لَم يزيدوا في مهور النِّساء عَن أربعمائة درهم، لذلك أمرَهم ألَّا يزيدوا في صَداق المرأة عَلى أربعمائة درهم، فلمَّا نَزل أمير المُؤمنين مِن عَلى المنبر، قَالت لَه امرأة مِن قُريش، يا أمير المُؤمنين: أنَهيتَ النَّاس أن يزيدوا النِّساء في صَداقاتهن –أي مهورهن- عَلى أربعمائة درهم..؟! قَال: نَعم، فقالت: أما سَمعت قَول الله تَعالى: "وَإِنْ آتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَاراً". -القِنطار: المَال الكَثير-، فقَال: (اللهمَّ غُفرانك، كُلّ النّاس أفقه مِن عمر)، ثُمَّ رَجع فصَعد المِنبر، وقَال: (يا أيُّها النَّاس إنِّي كُنتُ نَهيتكم أن تزيدوا في مهور النِّساء، فمَن شَاء أن يُعطي مِن مَاله مَا أحب فليَفعل)..!
إنَّ أمر المَرأة مُحيّر، فهي تَخطو خُطوة للأمام، ثُمَّ تُتبعها بخُطوتين للخَلف، لذلك دَائماً أسأل نَفسي: هَذه المَرأة التي رَدَّت عَلى عمر، لماذا لَم تَتكرَّر عَبر التَّاريخ..؟! لمَاذا بَدت وكأنَّها حَالة شاذَّة.. أو لنَقُل رَمية مِن غَير رَامٍ.. وكأنَّها حَدث استثنائي خَارج النّسق الاجتماعي والدِّيني..؟!
لمَاذا لَم نَقرأ في كُتب التُّراث عن امرأة تَولَّت القَضاء، أو تَولَّت الإفتَاء، أو كَانت فَقيهة..؟! لماذا لَم نَقرأ إلَّا اجتهادات بَسيطة مِن هَذه المَرأة أو تلك.. وكأنَّها حَالة تُؤكِّد قَاعدة غياب أو تَغييب المَرأة..؟!
إنَّني هُنا أعني تَغييب المَرأة عَن الحضور، سَواء كَان ثَقافيًّا أو اجتماعيًّا أو حتَّى دِينيًّا في تلك القَضايا التي تَخصُّ المَرأة، ولعلَّنا نُشاهد أبرز مَظاهره في التَّعتيم الكَامِل عَلى أسمَاء النِّساء في مُجتمعنا، ومُحاولة وَضع حِجاب عَلى اسم المَرأة، بَعد أن وُضع عَلى وَجهها ورسمها..!
حَسناً.. مَاذا بَقي..؟!
بَقي القَول: إنَّني لا أُنكر وجود أسمَاء نِسائيّة فَاعلة، ونَاجحة وجَادة، تَمتلك الإدارة والجَدَارة، ولكن مِثل هَذه الأسمَاء لا تُشكِّل سِياقاً ثَقافيًّا يُمكن الاعتماد عَليه، إذ هي اجتهَادَات مِن نسوة صَدقنَ عَلى مَا عَاهدنَ العَمل عَليه، ليَظهرنَ في النِّهاية وكَأنَّهن نِساء شَاذات، لا يَنتمين إلى القَطيع –أو لِنَقُل القِطَاع- النِّسائي..؟!.

أحمد عبدالرحمن العرفج
Arfaj555@yahoo.com


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

لكُلِّ مثابرٍ نصيب.. مِن دأب النجيب!