مخاطبة الأصحاب
عن العلماء العزاب ..!
كَانت
أيَّام العيد فُرصَة مُبارَكة لمُراجعة بَعض الكُتب؛ التي قَرأتها في مَطلع شَبابي،
ومِن تلك الكُتب الكِتَاب القيّم المُعنوَن بـ(العُلمَاء العُزَّاب.. الذين آثروا
العِلم عَلى الزَّواج)، لمُؤلِّفه الشَّيخ "عبدالفتاح أبوغدة" -رَحمه
الله-..!
وقَد
أحصَى الشَّيخ "أبوغدة" 35 عَالِماً مِن العُزَّاب الكِبَار، يَأتي في مُقدمتهم
"ابن جرير الطبري، والإمام الأنباري، والإمام الزمخشري، وأبوإسحاق الشيرازي،
وأبوالفتح الحنبلي الفَقيه الزَّاهِد، والإمام النووي، والعَالِم ابن النفيس الطَّبيب
الفَقيه الأصولي، والإمام المَشهور ابن تيمية، وعَالِم اللغة محمد
الأشموني"... وغَيرهم، ولَم يَذكر مِن النِّسَاء العَازبَات إلَّا وَاحدة وهي
الشَّيخة المحدثة المُسندة "كريمة بنت أحمد المروزيّة المكية"..!
والحَقيقة
أنَّ الكِتَاب جَديرٌ بالقرَاءة والتَّمعُّن، والتَّأمُّل والتَّفكُّر، لَيس لأنَّ
مَادته جَذَّابة، بَل لكميّة المَعلومَات والأقوَال التي فيه..!
وقَد
حَاول المُؤلِّف شَيخنا "عبدالفتاح أبوغدة"؛ أن يَلتمس العُذر لهَؤلاء
العُلمَاء الكِبار، حِين اختَاروا "العزوبة" وفضَّلوها عَلى الزَّواج،
ويَكفي هَذه المَقولة بحقّهم، حَيثُ قَال: (وما عزبَ بهَؤلاء العُلمَاء عَن الزَّواج
المَركوز في الفطرَة؛ إلَى العزوبَة التي لا تُجهل مَصاعبها ومَتاعبها، إلَّا الشَّوق
المُتزايد للعِلْم، الذي اشتَعلَت هِمَمهم بِه؛ تَعلُّقاً وحُبًّا وتَحصيلاً، وجَمعاً
ونَشراً وتَدويناً، حتَّى غَدا العِلْم مِنهم بمَنزلة الرّوح مِن الجَسَد، والمَاء
مِن العود الأخضَر، والهوَاء مِن حيَاة الإنسّان، لا يَستطيعون لَه فِراقاً، ولا يَطيقون
التَّنازل عَن تَحصيل أدنَى قِسطٍ مِنه يُمكنهم تَحصيله، فصَار العِلْم مِنهم بمَوقع
الغذَاء والدَّواء جَميعاً)..!
إلَى
أن يَقول: (ورَأى هَؤلاء العُلمَاء الزَّواج –عَلى خَيرهِ وفَضلهِ- سَبباً شَاغلاً
كَبيراً عَن تَحصيل هَذا المَطلب الشَّريف المُنيف، وقَيداً مُعوّقا لَهم عَن التَّفاعُل
والاحترَاق بالعِلْم والتَّحصيل الحَبيب العَزيز، فآثرُوا الخَير الأعم عَلى حَظ
النَّفس الخَاص بِهم في الجُملة، اجتهَاداً مِنهم أنَّ ذَلك أغنمُ لَهم تَحصيلاً،
وأفضَل عَليهم للازديَاد مِن رضوَان الله سَبيلاً)..!
حَسناً..
مَاذا بَقي؟!
بَقي
القَول: هَذا كِتَاب بَديع فَظيع.. وسيَكون لِي مَعه وَقفَات وكِتَابَات، خَاصَّة
وأنَّه جَاء في الأثَر حَسب مَا رَوَاه "الإمَام الحَاكم" في "مستدركهِ":
(إنَّ الوَلد مَبْخلة مَجنَبة مَجهلَة مَحزَنة)..!!!!
أحمد
عبدالرحمن العرفج
تويتر:
Arfaj1
Arfaj555@yahoo.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق