الأربعاء، 4 ديسمبر 2019

احتِبَاس الاتّحاد يا عبَّاس ..!


احتِبَاس الاتّحاد يا عبَّاس ..!

تنظر الشّعوب العربيّة بكثير مِن الشَّفقة إلى نظيرتها الغربيّة؛ بسبب إشغال نفسها بمشكلة "الاحتباس الحَرَاري"، وإضاعة وقتها في مُتابعة مُقرَّرات قمّة "كوبنهاجن"؛ حول التّغيّرات المناخيّة، وتعتبر ذلك ضرباً مِن التَّرف؛ الذي درجت تلك الشّعوب "الماديّة" على الانغماس فيه، على اعتبار أنَّ الأرض هي الجنَّة التي يخشى أولئك المساكين زوالها!
ورغم أنَّ هذه النَّظرة تبدو ساذجة وسطحيّة للوهلة الأولى، إلَّا أنَّها لا تخلو مِن بعض المُفارقات العجيبة؛ حين نحاول تمريرها على أشعّة "عُمَّال المَعرفة"!
فالمواطن العربي –وإن كان لا يرى أبعد مِن أنفه-؛ أدرك -منذ زمن بعيد- المعنى الحقيقي للاحتباس، وبحكم شغفه بابتكار الحلول الحلزونيّة، فقد اكتسب الخبرة في التَّعامُل مع ارتداداته يوميًّا، ومن ذلك الاحتباس الاقتصادي الذي يُضايقه في لُقمة عيشه، كي يشعر بالظَّفر حين يعود بالخبز إلى أطفاله، والاحتباس الدِّيني الذي يُلزمه بتصنيف أهل الضَّلال؛ حتَّى يُصنَّف هو مِن أهل الضَّلال، والاحتباس الإعلامي الذي يدفعه إلى عِشق الإعلام الفرعوني؛ وفق مفهوم "لا أُريكم إلَّا ما أرى"!
هل يُريد المواطن الغربي المزيد؛ لتعرية جهله لمفهوم "الاحتباس"..؟!
حسناً، ماذا يعرف عن الاحتباس الثَّقافي؛ الذي لا يترك للفنون الجميلة حيّزاً للتَّنفُّس؛ إلَّا في المقابر والمشارح، أو في البالونات المثقوبة..؟! وماذا يعرف عن الاحتباس الاجتماعي؛ الذي يُجبر البعض على التَّواري خلف عشرات الأقنعة، وارتداء ثياب الفضيلة، كي يقتات مِن شتم الرَّذيلة..؟! وماذا يعرف أيضاً عن الاحتباس البيروقراطي الذي يُحيل اللوائح والأنظمة إلى أشراك مِن التَّعقيدات، ويُكسب الفساد صفة الاحترام و"الإتيكيت"؛ بفضل المحسوبيّة و"دهن السِّير"..؟!
بعد كُلّ هذا.. هل ما زال الإنسان الغربي يعتقد أنَّه يعرف شيئاً عن الاحتباس..؟! هل يظن أنَّه يعرف معنى الاحتباس التَّعليمي، حيث التَّدجين والتَّلقين يُفرِّخ أجيالاً جاهلة تفتقر إلى المهارات والمَلَكات، لتبحث في نهاية المطاف عن وظيفة بلا مسؤوليّات، وتَتحاشى العمل الذي يعتمد على الإنجاز..؟! أم يظن أنَّه يَفقه شيئاً عن احتباس الوعي؛ الذي جعلنا نركب السيّارات الفارهة، التي لا نفتح نوافذها إلَّا لقذف المُخلّفات في قارعة الطَّريق، وجعلنا أيضاً نتلف المرافق العامَّة بلذّة انتقاميّة عجيبة..؟! أم تُرى ذلك الغربي يَظن أنَّه يعرف شيئاً؛ عن الاحتباس الرّياضي الذي أفسد علاقات "أم الدُّنيا" مصر؛ بـ"بلد المليون شهيد" الجزائر، لانعدام الرُّوح الرّياضيّة التي تقتضي التَّواضع عند الفوز، والتبسّم عند الخسارة..؟! وهو نفس الاحتباس الذي دفع فريقاً عريقاً كالاتحاد؛ إلى فقدان بوصلته منذ خسارة النَّهائي الآسيوي؛ أمام الفريق الكوري، ليخسر مِن الشَّباب والاتفاق، ثم مِن الهلال بخمسة أهداف كارثيّة، قبل أن يتعادل مع فريق مغمور كالفتح، وآخر متواضع كالقادسيّة!
في النّهاية.. أستطيع أن أُبرِّر للمواطن الغربي جهله؛ بكُلِّ هذه الاحتباسات، إلَّا جهله أنَّ الاحتباس الاتحادي حَدَث؛ كنتيجة طبيعيّة لمأساة السّيول، التي جرفت جماهيره المسحوقة في قويزة وأخواتها!.

أحمد عبدالرحمن العرفج


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

لكُلِّ مثابرٍ نصيب.. مِن دأب النجيب!