الحبر الأصفر
قصص قصيرة تُقرأ في أوقات يسيرة
نَحن نَعيش الفَوضَى غَير الخَلاّقة، ومِن مَظاهر هَذه
الفَوضَى التّداخُل بَين الحقُول، والتنقُّل بَين التَّخصُّصات، فمَثلاً خرّيج الكيميَاء
يَعمل في الإعلَام، وخرّيج الإعلَام يَعمل في الزّراعة، وخرّيج الزّراعة يَعمل في السّياسة،
وهَكَذَا حتَّى ضَاعت "الطَّاسَة"..!
في هَذا الجَو الفَوضوَي، فَكّرتُ أن أتحوّل مِن عَامِل
مَعرفة إلَى "قَاصّ"؛ أو "حكوَاتي" يَروي الحِكَايَات، ونَظراً
لأنَّ أكثَر القُرّاء أيتَام، فأنَا سأتعلَّم القَصّ والحلَاقة في رؤوسهم.. وإليهم
خَمس قصَص عَرفجيّة:
1- سَألوني مَن هو الشّقي؟!
قُلت: الشَّقي مَن لا يَعرف كَيف يَستثمر وَقته، لأنَّ
الوَقت إذَا لَم تَستثمره، يُصبح كالنَّار التي تَلتهم كُلّ شَيء..!
2- قَال لَها: عِندي إحسَاس أنَّكِ لا تُحبّين قُربي!
فأخَذَتْ نَفَساً عَميقاً ثُمَّ قَالت: هَذه أحَاسيس
خَاطِئة!
فرَدّ عَليهَا –بَعد أنْ تَنهّد بألَم- ببَيتين لـ"نزار
قبّاني"، يَقول فِيهما:
هَذِي أَحَاسِيسِي فَلاَ تَتَدَخَّلِي
أَرْجُوكِ بَيْنَ البَحْرِ والبَحَّارِ
لاَ سُلْطَةَ فِي الحُبِّ تَعْلُو سُلْطَتِي
فَالرَّأْيُ رَأْيِي وَالخيَارُ خيَارِي!!
3- سَألني: مَاذا تَتمنَّى؟!
قُلت: أتمنَّى أن يَحفظ الله بَركة حيَاتي؛ وشَمعتها
الوهّاجة السيّدة العَظيمة "أم يحيى"، -أعني أُمِّي- "لؤلؤة العجلان"..!
4- سَألته قَبل عشرين سَنَة: أين أنت؟!
فقَال: في العَمل!
وسَألته يَوم أمس: أين أنت؟!
فقَال: في الدَّوَام!
هُنَا عَرفتُ الفَرق بَين الإنتَاج، وبين حضُور الجَسد
فَقط..!
5- عَجبي عَلى ذَلك الوَاعِظ؛ الذي يَشتم الغَرب في
كُلِّ خُطَبه، وجَسده -مِن رَأسه حتَّى أخمص قَدميه- مُجرَّد مَعرض إكسسوَارَات للمَنتوجَات
الغَربيّة؛ مِن العُقَال إلَى الحِذَاء، مُرورا بالسَّاعة، والقَلَم، والمَلابس الدَّاخلية..!
حَسناً.. مَاذا بَقي؟!
بَقي القَول: إنَّ هَذه خَمس قصَص، "فحّطتُ"
قَبل أسبُوع لأكتُبها، والحَمد لله أنَّها خَرَجَت كَما تَخرج البيضَة مِن الدَّجَاجَة،
لتَكون الفَرحَة مُضاعفة، فرحة خرُوج البيضَة التي تُريح الجِسم، وفرحة النَّاس الذين
يَنتظرون البيضَة بفَارغ الصَّبر..!!!
أحمد عبدالرحمن العرفج
تويتر: Arfaj1
Arfaj555@yahoo.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق