الحبر الأصفر
تحقيق الذات من خلال
الروايات ؟!
إنَّ المُتَابِع للشَّأن المَحلِّي يُدرك
أنَّ: اهتمَامَات السّعوديين تَتبدَّل؛ حَسب مُقتضيَات ومُتطلّبات كُلّ مَرحلة..!
فمُنذ بدَاية الثَّمانينيّات إلَى نَهَايتها،
كَانت تِلك المَرحلة؛ مَرحلة الحَدَاثة وتَصادُمَاتها، وتَهَاوشَاتها وتَنَازعَاتها،
ثُمَّ بَعد ذَلك أَفل نِجم الحَدَاثَة..!
أمَّا المَرحَلَة الثَّانية، فانحَصَرَت
بَين بدَاية التّسعينيّات إلَى نَهايتها، وكَانت مَرحلة الشِّعر الشَّعبي بامتيَاز،
ولا حَديث للنَّاس إلَّا عَن الأمسيَات الشَّعبيّة ومَجلَّاتها، حتَّى أصبَح لكُلِّ
موَاطِنٍ شَاعر، ولكُلِّ شَاعرٍ مَجلّة..!
ثُمَّ بَدأنَا في المَرحلة الثَّالثة،
وهي مَرحلة الرِّوَايَة، التي بَدَأَت مَع الألفية الجَديدة، وحتَّى عَام 2010م، وتِلك
الفَترة شَهدَت ازدهَاراً للرّواية، ثُمَّ ضَمَرَت واختَفَت عَن الأنظَار، وأصبَحَت
مِن الأشيَاء العَادية في حيَاتنا..!
وهُنا أَصِل إلَى مَا أُريده مِن هَذا
المَقَال، وهو الإجَابة عَن سُؤال: لمَاذا خَبَت الرّواية السّعوديّة..؟ والجواب مِن
عدّة احتمَالات:
الأوّل: هو أنَّنا نَعيش في عَصر السُّرعَة،
والرِّوايَة سَردٌ طَويل وبَطيء، لذَلك تَبدو في تَقنياتها مُعارِضَة لإيقَاع الحيَاة،
إذ يَبدو "إيقَاع الرِّوَاية السَّردي البَطيء"؛ مُتصَادِماً مَع "إيقَاع
الحيَاة السَّريع".. ورَحِمَ الله شَيخنا "أحمد عبدالغفور عطّار"،
حَيثُ شَبّه الرِّوَاية بقَصب السكّر، بحَيثُ تَعصر (20) عَصا، لتَحصل عَلى نِصف
كوب مِن العَصير.. وهكَذا هي الرِّوَاية، تَقرَأ (400) صَفحة، لتَحصل عَلى مَردود
مُتواضع وبُسيط..!
أكثَر مِن ذَلك، انتَشرت الرِّوَاية في
السّعودية وازدَهَرَت رَغبةً في البَوح، فكَان كُلّ مُوَاطن يُريد أن يَبوح بِمَا
في دَاخله، يَذهب ويَكتُب رِوَاية، أمَّا الآن فجَاءت وَسائل أُخرَى للبَوح مِثل: "المُنتديَات
والفيس بوك وتويتر"، وسَحَبَت البُسَاط مِن الرِّوَاية..!
حَسناً.. مَاذا بَقي؟!
بَقي القَول: إنَّ الرِّوَايَة حِين
-يُقدِم عَليها كَاتِبها- يُريد أن يُحقِّق شَيئاً لذَاته مِن خِلَالها، وحِين جَاءت
وَسَائل التَّواصُل الحَديثة؛ حقَّقت للإنسَان هَذا الهَدَف، فأصبَح –مَثلاً- في "تويتر"
يَجد عَدَداً مِن المُتَابعين لبَوحه؛ أكثَر مِن النُّسخ التي تُوزّعها الرِّوَاية
في 10 سنوَات..!!!
أحمد عبدالرحمن العرفج
تويتر: Arfaj1
Arfaj555@yahoo.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق