جُدَّة -
الأسكندريّة ..!
عَفوًا..
العِنوان لا يَبدو إلَّا إعلَان عَن رِحلة جَوّية مِن هَذه المَدينة لتِلك، ورَغم
حُبّ المَرء للسَّفر، إلَّا أنَّه زَهَد فِيه لصعوبة الحَجز وقلّة «الوَاسطة»،
بحيثُ لَم يَعُد يَنصرف الذِّهن إلى أنَّ هَذا الإعلّان؛ هو عَن إقلَاع طَائرة أو
رِحلة مُسافرة..!
حَسنًا..
مَا العنوان..؟!
إنَّه
شكٌّ بأن تَكون جُدَّة تَحمل اسم الأسكندريّة، وهَذا الشَّك لَه ما يُسنده، وإليكم
الدَّليل:
جَاء
في القَاموس المُحيط أنَّ «الأسكندريّة»؛ اسم لستّة عَشر مَوضعًا مَنسوبة إلى
الأسكندر المَلك، وذكر مَوقعها في البلاد الشَّرقيّة، وذكر مِنها بين مَكَّة
والمَدينة، ثُمَّ ذكر أنَّه مَا بين هَاتين المَدينتين قَرية تُسمَّى
«الأسكندريّة»، وبَعد هَذا الخَبر، يَستفهم العلَّامة «أحمد الغزّاوي» في شَذراته
ص 448 قَائلًا: (وهُنا نَتساءل عَن هَذه «القرية» بين الحَرمين الشَّريفين، وهَل
لَم تَزل يُطلق عليها الاسم حتَّى الآن..؟ أم أنَّها درست (اضمحلت) ولا وجود لَها
إلَّا في سَلف.. فهَل نَجد الإجابَة عَلى ذَلك ممَّن هو عَلى عِلم بحقيقه وبمكانه
وسكانه..؟! وما علمنا أن الأسكندر قام حول هذا الممر في فتوحاته! على أنها إن وجدت
فلا تعليل لذلك –في الغالب– إلا مجرد الاسم أطلقه عابر بالطريق لسببٍ ما)..!
ثُمَّ
طَلب الشّيخ «الغزّاوي» الخَبر اليَقين؛ مِن العَالِم الآثاري الشَّيخ «عبدالقدوس
الأنصاري»، ليَأتي الجَواب مِن الأنصَاري –صَاحب كِتَاب: «تَاريخ مَدينة جُدَّة»-
ليَقول في ذَلك: (رَاجعنا مَا وَرَد في القَاموس المُحيط عَن الأسكندريّة التي
قَال وأيَّد شَارحه الزّبيدي: أنَّها بَلدة بين مَكَّة والمَدينة)، وقَد تَذكَّرتُ
بالمُناسبة مَا وَرد في كِتَاب «تَاريخ مَدينة جُدَّة»، بالصَّفحة 57، نَقلًا عَن
كِتَاب «الأخبَار الطّوال» للدنيوري، (مِن أنَّ الأسكندر المَقدوني جَاء مَكَّة في
حَياة «النضر بن كنانة» –جد النَّبي عليه الصَّلاة والسَّلام– ثُمَّ قَطع البَحر
مِن جُدَّة يَؤم –يَقصد– بلاد المَغرب، فمَرَّ بمَا يَكون المَقصود بالبَلدة في
قَول صَاحب القَاموس –جُدَّة– كَما أنَّه مِن المُحتمل أن تَكون -كَما أشَار إليه
صَاحب «الشَّذرات»- مُجرَّد اسم أطلقه عَابر لمُناسبةٍ مَا، والحَقيقة بين
البَحث)..!
مِن
مَقولة شَيخنا الأنصاري «أنَّ الحَقيقة بين البَحث»، أرفع أرقّ آيات الرَّجاء،
وألطف عِبارات الالتمَاس إلى أولئك الجُدَّاويين المُعتَبرين، والبَاحثين
المُؤهَّلين مِن أمثَال أحبابي وأصدقائي: (الشيخ أحمد باديب والأستاذ محمد
طرابلسي، وعدنان اليافي وعبدالله مناع، ومحمد صادق دياب -قمصه الله لباس العافية-
وعبدالوهاب أبوزنادة)، ليفتونَا مَأجورين بحُكم مَن أطلق عَلى جُدَّة -بضم الجيم-
اسم «الأسكندريّة»..!.
أحمد
عبدالرحمن العرفج
Arfaj555@yahoo.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق