الحبر الأصفر
حان الوقت لشرح فضيلة الصمت
الصَّمتُ
فَضيلَةٌ إنسَانيّة، يَجدر بالعُقلَاء أَنْ يَلتَزموا بِهَا أحيَانًا، وأَقول أحيَانًا،
لأنَّ الصَّمت في بَعض المَواقف؛ يَكون عَاهة ومَذمَّة لصَاحبِهِ..!
ولَنْ
يَتَفَلْسَف القَلم كَثيراً هُنَا، بَل سيَنطَلق إلَى الشَّوَاهِد والشَّوَارِد،
والمَوائِد الثَّقافيّة، ليَنقل مِنهَا مَا قَاله القَوم في ذَمِّ الصَّمت، والتَّشجيع
عَلى الكَلَام..!
قَال
أَعرَابي: (الصَّمتُ خَيرٌ مِن الكَلَام)، وقَال آخَر: (إذَا كَان الكَلام مِن فضَّة،
فالسّكوت مِن ذّهَب).. وهُنَا أَتفهّم قَصْد "قَائِلَي هَذين المَثَلَين"،
وأُحسن الظَّن بِهِما وأَقول: إنَّهما كَانا يَقصدَان أَنَّ الصَّمتَ خَيرٌ مِن
الكَلام البَذيء، أو الكَلام المُؤذي، أو الكَلام الذي لَا فَائدة مِنه..!
قَال
أعرَابي آخَر: (لَعنَ الله المُسَاكَتَة، فمَا أَفسَدها للِّسَان، وأَجلَبَها للحَصر)
–أَي صعُوبة النُّطق-..!
والصَّمتُ
يَقمعُ الفِكر، ويُغلق بَاب الفَهم، وقَد قَال أَحَد الفَلَاسِفَة: (الصَّمتُ مُفتَاح
السَّلامة).. فرَدَّ عَليه فَيلسوف آخَر قَائلاً: (ولَكنَّه قفل الفَهْم)..!
وأَفضَل
النَّاس وأَقدرهم؛ مَن عَوَّد لِسَانه الرَّكض في ميَادين الألفَاظ، رَكضٌ يُفيد
النَّاس، ويَنشر البَلَاغَة، ويُذيع الثَّقَافَة والمَعرفة..!
لِقَد
ذَمَّ النَّاس "الخَرَس"، وقَد جَاء في الأثَر؛ أَنَّ كَاتِم الحَق شَيطانٌ
أَخرَس، لذَلك –أحيَانًا- يَكون الصَّمت جَريمَة..!
أكثَر
مِن ذَلك، تَخيّل نَفسك في جَلْسَةٍ؛ تَضمّ مَجموعة مِن الرِّجَال يَسودها الصَّمت،
والجَالِسون كَأنَّ عَلى رُؤوسهم الطّير.. يَا لَها مِن جَلسةٍ تَعيسة، مَقَتَهَا
الشَّاعر حِين قَال:
خُلِقَ
اللِّسَانُ لِنُطْقِهِ وَبَيَانِهِ
لاَ
لِلسُّكُوتِ وَذَاكَ حَظُّ الأَخْرَسِ
فَإِذَا
جَلَسْتَ فَكُنْ مُجِيباً سَائِلاً
إِنَّ
الكَلاَمَ يُزِينُ رَبَّ المَجْلِسِ
حَسنًا..
مَاذا بَقي؟!
بَقي
مُنَاشدة النَّاس أَنْ يَتعلَّموا الكَلَام الجَميل، ولَا يَتزمّلوا ويَتدثّروا بفَضيلة
الصَّمت، لأنَّ اللِّسَان إذَا طَالَ صَمته نَسي الكَلَام، وطَريقة تَجَاذُب أَطرَاف
الحَديث..!!
أحمد عبدالرحمن العرفج
T:
Arfaj1
Arfaj555@yahoo.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق