الحبر
الأصفر
عقلانية
الحُبِّ والبُغض.. خيالٌ محض
فِي عِلْم الإدَارَة يُقَال: إنَّ
الإنسَانَ إذَا كَرِهَ وَظيفته، بَدَأ عَقله لَا يُركِّز إلَّا عَلى الأشيَاء السَّلبيّة،
والمَتَاعِب والمَصَاعِب، والنَّكَد الذي يُصَاحب هَذه الوَظيفَة..!
وفِي عَالَم المُدن يُقَال: إنَّ
الإنسَانَ إذَا كَرِهَ مَدينَة، بَدَأت عَينَاه لَا تَقع إلَّا؛ عَلى كُلِّ مَا هو
سَيء فِيهَا..!
وفِي عَالَم الزَّوَاج، إذَا أَبغَض
الزَّوج زَوجته، أَو أَبْغَضَت الزَّوجَة زَوجها، تُصبح عيُون كُلّ وَاحِد مِنهما؛
لَا تَتصيَّد إلَّا الأخطَاء، ولَا تَقَع إلَّا عَلى المُخَالَفَات، وكَأنَّ كُلّ
مِنهما رَادَار سَاهِر، الذي لَا يُغادر أي مُخالفة إلَّا سَجّلها وأحصَاهَا..!
وفِي عَالَم الكِتَابَة والصَّحَافَة
يُقال: إنَّ الإنسَان إذَا كَرِهَ كَاتِباً؛ بَدَأ عَقله في البَحثِ عَن أخطَائِه
ومَسَاوئه، حَتَّى كَأنَّ عَلى بَصرهِ غشَاوة، فلَا يَرَى شَيئاً جَميلاً في هَذا
الكَاتِب..!
كُلُّ مَا قُلته أعلَاه يَحدث مَعه
العَكْس؛ إذَا أحبَبنَا شَيئاً وتَصَالحنا مَعه، والمحصِّلَة النَّهائيّة مِن كُلِّ
هَذا، أنَّ الإنسَانَ إذَا أَحبَّ شَيئاً، بَحثَ عَن إيجَابيّاته، وإذَا كَرِهَ شَيئاً،
غَضّ طَرفه عَن الإيجَابيّات؛ ووَسَّع عَينيه للبَحث عَن السَّلبيّات..!
إنَّ هَذه النَّظريّة –أَعنِي نَظرية
غَضّ الطَّرْف عَمَّا نُحبّ، ونَقد مَا نَكره- تُسمَّى نَظرية "الإمَام الشَّافعي"،
الذي اختَصَرَ الحِكَاية ببَيتٍ شِعري يَقول فِيهِ:
وعينُ الرِّضَا عَن كُلِّ عَيبٍ كَليلةٌ
وَلَكِنَّ عَينَ السّخْطِ تُبْدي
المَسَاوِيَا
أَكثَر مِن ذَلك، لقَد بَسَّط الفِكْرَة
ويَسَّرها وشَرحَها؛ أُستَاذ تَطوير الذَّات، البروفيسور "إبراهيم الفقي"؛
حِين قَال: (فِي عِلْم المِيتَافيزيا، نُؤكِّد دَائِماً عَلى أنَّ العَقل مِثل المَغنَاطيس،
عِندَما يَرَى صَاحبه يُحقِّق أهدَافه –ولَو بالتخيُّل- سيَجذب لَه الأشخَاص والمَواقِف
والآليّات، التي تُسَاعده عَلى تَحقيق هَذا الهَدَف)..!
حَسنًا.. مَاذا بَقي؟!
بَقي أنْ نَصرخ ونَقول: يَا قَوم، كُونوا
مُنصفين، ولَا تَنتَقدوا إلَّا بسَبَب، فمِن حَقِّكم أَنْ تُحبُّوا بلَا سَبَب، ولَكن
لَيس مِن حَقِّكم أنْ تَنثروا الكُرْه مِن غَير تَبرير، لأنَّ الأَصْل في الإنسَان
المَحبَّة والبَرَاءَة، مَا لَم يَثبُت العَكس، وعَليكُم أَنْ تَنتبهوا لوَظيفة
العَقْل، الذي يُشبه المَغنَاطيس، فيَجذبُ مَا نُريد، ويُقبِّح في أَعيننا مَا لَا
نُريد، بغَضِّ النَّظَر عَن كَون مَا نُريده أو نَرفضه، صَحيحًا أو خَطأً..!!
أحمد
عبدالرحمن العرفج
T:
Arfaj1
Arfaj555@yahoo.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق