الأربعاء، 4 ديسمبر 2019

نعمة الوقت أثمن ما رُزقت


الحبر الأصفر
نعمة الوقت أثمن ما رُزقت

كَتبتُ يَوم أَمس عَن قصَص العُلَمَاء في استثمَار الوَقت، والتَّحايُل في كَيفيّة استغلاله أشدّ استغلَال، وأنَّه سَائِلٌ نَادِر.. وكُلَّما شَعرتُ بالكَسَل في الاستفَادة مِن الوَقت؛ رَجعتُ إلَى كُتب العُلَمَاء، لكَي أُعبّئ "بَنزين" طَاقتي، لأستَثْمِر وَقتي بشَكلٍ أفضَل وأجمَل وأكمَل..!
ومِن القصَص الظَّريفة والمليحَة؛ التي قَرأتُها مُؤخَّراً عَن انهمَاك العُلَمَاء في استثمَار وَقتهم، حتَّى أنَّ هَذا الانهمَاك أنسَاهم مَا حَولهم، فلَا يَشعرون بمَن تَكلّم، ولا يَحسُّون بمَن يَلمسهم.. مِن تِلك القصَص؛ قصّة أوردهَا "القاضي عياض" في كِتَابه: "تَرتيب المَدَارك" تَقول: (كَانت لمحمد بن سحنون "سُرِّية" –أي جَارية مَملوكة- يُقال لَها "أُم مُدام"، فكَان عِندَها يَوماً، وقَد شُغل في تَأليف كِتَاب إلَى اللَّيل، فحَضَر الطَّعَام، فاستَأذنتْه، فقَال لَها: "أنَا مَشغول السَّاعة".. فلَمّا طَال عليهَا الانتظَار جعلت تُلقّمه الطّعام حتَّى أتَى عَليه، وتَمَادَى هو عَلى مَا هو فِيه، إلَى أن أُذِّن لصَلَاة الصُّبح، فقَال: "شُغلنا عَنكِ اللَّيلة يَا "أُم مُدام"، هَاتِ مَا عِندكِ؟ فقَالت: قَد –والله- ألقمتُه لَك، فقَال: "مَا شَعرتُ بذَلك")..!
أمَّا "أبوهلال العسكري"، فقَد أَورَد في كِتَابه: "الحَثّ عَلى طَلَب العِلْم والاجتهَاد في جَمعه" (أنَّ ثَعلب الشّيباني الكوفي البغدادي –وهو أحد أئمة النَّحو واللُّغة والأدَب والحَديث والقرَاءَات- كَان لَا يُفارقه كِتَاب يَدرسه، فإذَا دَعَاه رَجُل إلَى دَعوة شَرطَ عَليه أنْ يُوسّع لَه مِقدَار مِسْوَرَةٍ –أي متكأ الجلد- يَضع فِيها كِتَاباً ويَقرأ).. وإنْ كَانت وَفاة "ثعلب" حَدَثَت فِيمَا بَعد بسَبَب كِتَاب، ولَعلّي أذكُر القصّة في مَقالٍ آخَر..!
حَسناً.. مَاذا بَقي؟!
بَقي القَول: يَا لَها مِن نَماذج مُحفّزة لاستثمَار الوَقت، وأتمنَّى أنْ يَأتي اليَوم الذي أَصل فِيه -أنَا وأنتُم- لهَذه المَرحلة الإيجَابيّة مِن استثمَار الوَقت؛ الذي يَتفلّت مِن بَين أصَابعنا مَع مَطلع كُلّ شَمس..!!!

أحمد عبدالرحمن العرفج
تويتر: Arfaj1
Arfaj555@yahoo.com


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

لكُلِّ مثابرٍ نصيب.. مِن دأب النجيب!