الْـكِـتَـابَـةُ فَـرْضُ كِـفَـايَـةٍ!
البحر مِلك للجميع، مثل الحياة بكل تفاصيلها الهنيئة والقاسية، لذا
لا مفر من دخول الحياة، ومعانقتها والتداخل معها فرحاً وترحاً، سعادةً وتعاسةً،
فأنت معني بحبة البطاطس التي تزن 3 كجم، ويجب أن تهتم بفوائد الرضاعة الطبيعية،
ولابد لك من متابعة التيس الذي ولد برأسين! كل هذه الأشياء من صميم حياتك اليومية!
بوصفك كاتباً تحترف الكتابة اليومية، يعاتبك بعض القوم عتاباً
خشناً مفاده: أين أنت من هموم البحر ومعاناة البسطاء؟! كيف تغيب عن وجع الرمل
وشقاء المكافحين وعناء الكادحين الذين ينتشرون في مناكب الأرض ليأكلوا من رزق الله
الذي أودعه في أرضه؟!
يناديك عمرو قائلاً: اكتب عن أثر التدخين على المرأة الحامل!
ويوصيك زيد بالكتابة عن تأخر رواتب بعض الشركات! ويتوسّل إليك ثالث بإيصال صوته
(بوصفه مُستهلكاً) إلى وزارة التجارة! ويرجوك أحد الوافدين الكرام أن تكتب عن
معاناته المتمثلة في عدم وجود مدرسة لابنه وابنته!
ويصرخ بوجهك عمّار قائلاً: كفاية امتلأنا مقالات أدبية، ويجب أن
نهجر الشعر ونبحث عن الشعير، فهو أعز مالاً وأوفر نعماً! ويناديك تعبان بن تلفان،
الذي كان مُتكئاً فأجلسه الحماس قائلاً: يا سيدي المُتورِّط بالكتابة، المسألة يجب
أن تُؤخذ بميزان الأولويات، فأنت قبل الصلاة يجب أن تُطهِّر ثيابك (وثيابك فطهّر)،
لذا يجب أن تكتب عن مشاكل الصرف الصحي ومعضلة التلوث، وتداعيات البطالة وتبعات
الفراغ، وطالما أنك في الاقتصادية، اكتب عن فوضى الشيكات التي بدون رصيد، ثم عرّج
على التستر، ولا تنس نصيبك من ارتفاع الأسعار! يا سيّدي لا تترفّع عن شيء،
حتى عن القشطة التي من جودتها دائماً مُتماسكة، ولا يستطيع أي مراقب للأسعار أن
يخلخل تماسكها!
يبدو أن المشاكل جمة، والمعضلات متنوعة، والتداعيات عريضة، ولن
تجدي معها مقالة في جريدة، أو سطر في معروض، أو شكوى في عريضة! من هنا تظهر
الكتابة في الشأن الاجتماعي من فروض الكفاية، إذا قام بها البعض سقط الإثم عن
الباقي!
والشأن الاجتماعي ليس بهذا السوء، فهناك في الدنيا أشياءٌ تُبهج
وتُفرح، وقد أوصانا الحكيم البير سامان قائلاً: (عندما تُصبح متشائماً، تأمّل
وردة)! وقد يكون هذا أملاً "وردياً" حالماً.. تمسّك بذلك! وهذا جهد
المقل، وعطاء البسيط.. (ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل)!
ـــــــــــــــــــ
أحمد عبد
الرحمن العرفج
arfaj555@yahoo.com
Do you Yahoo!?
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق