نَصِيحَةٌ للرَّئِيس أُوبَامَا..
"الاتِّحَادِي" ..!
لَم
يَكن الحِبر يَوماً طَارحاً مَشروعاً وَعظيًّا، أو نَصيحة تَوجيهيَّة، أو وِصاية
تَوعوية، لأنَّ النَّصائِح والمَوَاعِظ لَها نَصائح ومَوَاعظ مُضادة، مُوازية لَها
في القُوَّة ومُضادة لها في الاتِّجَاه، الأمر الذي يَجعل القَارئ يَسكن الحِيرة،
ويَستوطن الارتباك!!
غَير
أنَّ الأمر لا يَبدو –هَذه الأيَام- عَلى هَذا الشَّكل، لذا فلا مَانع من تَوجيه
النَّصيحة لفَخَامة الرَّئيس أُوبَامَا، مِن بَاب التَّعاون عَلى البِر والخَير،
والابتعاد عن الإثم والعُدوَان، وكما أنَّه تَعاون بين الحِبر وأُوبَامَا الذي
يَبدو من "الدِّيزاين" و"البَشرَة" أنَّه
"اتِّحادي" بَل يَذوب في الاتِّحاد!!
من
هُنا يَظهر أنَّه من "المزاح" و"الاستلطاف"؛ أن يَتطوّع الحبر
بشكل مجاني، بإهداء فخامة الرَّئيس أوباما هذه النَّصيحة، التي ليست أكثر من مُشاركة
بَسيطة تَقول شَيئاً وتَسكُت عن أشياء!!
أيُّها
الرَّئيس: اعْلَم أنَّه مَا مِن مَولُود عَربي، إلَّا ويُولَد عَلى الفِطرة،
والفطرة هُنا هي "كُره أمريكا"، الأمر الذي يَزرع قَناعة عَربيَّة
مَفادها: أنَّ أمريكا لا تَأمر بشيء إلَّا وفيه شَرّ، ولا تَنهى عن شَيء إلَّا
وفيه خَير، وهَذه قَناعة رَاسخة لَدى أغلب العَرب؛ كرُسوخ "البيت
الأبيض" لَديكم، وعليه -يا سيادة الرَّئيس- يَتمنَّى الحِبر مِنكم أن
تَتعاملوا مع العرب على النَّحو التَّالي:
إذا
أردتم –مثلاً- تَطوير المَناهج التَّعليميّة في بَلد عَربي مَا، فانشروا تَقريراً
يُؤيِّد المَناهج الحَالية، وأي دولة عَربيَّة تُفكِّر في تَغيير مَناهجها، سوف
تَتعرَّض للعُقوبات والخَطر!!
وتَأكَّد
–يا فخامة الرَّئيس- أنَّ كُل الكُتَّاب والدُّعاة، وطلبة العِلم وطلبة المَناصب،
سوف يَتبرَّعُون ويَنبرون لتَعرية "المُخطط الأمريكي"، الدَّاعي إلى
إبْقَاء الأمَّة جَاهلة؛ تَئنُّ تَحت وَطأة التَّخلُّف والرَّجعيَّة؛ من خِلال
تَشجيع هذه المَناهج!!
إنَّ
مَعرفة هذا الخلل سيُساعد على حَل أكثر المَشاكل في المَنطقة، لأنَّ العقليَّة
العربيَّة باختصار تَرى أنَّ الصَّواب في مُخالفة أمريكا، والدَّعوة إلى مُخالفة
أوامرها، لأنَّها لا تَأمر إلَّا بالشرِّ ولا تَنهى إلَّا عن الخَير!!
أيُّها
الرَّئيس.. استغلوا هذا "الحَوَل الثَّقَافِي" في عَالمنا العَربي..
فالتَّعَامُل مع بَني يَعرب لا يستحق الذَّكاء والدِّقَة، فالطريقة سَهلة،
والنَّتيجة "مُذهلة"، فإذا أردتم –مثلاً- اللون الأصفر الذي يَسوء
النَّاظرين، ما عَليكم سوى هجائه، وستجدون أنَّ المجموعات العربيَّة تتوشَّح به،
وتَتدافع عليه زَرَافات ووحدَانا!!
أَعْلَم
أنَّ مِثل هَذه المَقالة قَد تُغضب كَثيرين، ولكنَّها قَد تَسُرّ خَلق كَثير
أيضاً.. وطَالما فُتِحَت سِيرة "الحُب والكُره"، فإنَّ المرء لا يُحكِّم
في مَسألة المَودة والكُره عَقله بل عَواطفه.. ومَتى عَزف الكَاتِب عَلى وَتر
"يَتناغم" مع "عَقليَّة المُتلقِّي"، فإنَّ المُتلقِّي
سيُردِّد بصَوت هَامس بينه وبين نفسه قَائلاً: "صَحيح.. صَحيح".. أمَّا
إذا لم تُوافق "هَوى" نَفسه فسيقول "خَطأ.. خَطأ"، أو
سيُردِّد التُّهم إيَّاها!!
آه..
مَا أجمل مَا قَال المُتنبِّي حِين شَرَّح الذِّهنيَّة العَربيَّة، حيث رَبط نَجاح
المَقالة بمدى "مُصادفتها وتَناغُمها" مع عَقلية المُتلقِّي.. ليَقول
فِي ذَلك:
إنَّما
تَنْجَح "المَقَالةُ" في المرءِ
إِذَا
صَادَفَت هَوَىً في الفُؤادِ !!
أحمد عبدالرحمن
العرفج
Arfaj555@yahoo.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق