الأربعاء، 4 ديسمبر 2019

تَجهيز العُدَّة في مَحبّة جُدَّة ..!


تَجهيز العُدَّة في مَحبّة جُدَّة ..!

يلومني خلقٌ كثير في حُب جُدَّة –بضم الجيم– والتَّفاني في مَودَّتها والخوف عليها.. يُعاتبونني وأنا الذي اُعتبر فيها من بقايا الحُجَّاج، الذين أتوا من القصيم "لحج الدُّنيا"، ثم طاب لهم المقام في ثغر "بحر القلزم"، أو ما يُعرف الآن بـ"البحر الأحمر"، وما أجمل أن يُربط بين "ضم جيم جُدَّة".. وأنَّها تقع على "ثغر" هذا البَحر، والثَّغر –عَادةً– للتَّقبيل، فلا عَجب بعَاشق -مثل هذا الذي يََكتب هذه- الحروف أن يَعشق ضم جُدَّة ويُقبِّل ثغرها، خاصَّة أنَّ جُدَّة فيها إغواء الأُنثى وإغراؤها، ومن يرى جُدَّة وهو على متن طائرة، سيرى أن اضطجاع جُدَّة على كَتف البحر يُشبه ملامح "جسد المرأة النَّائمة"!!
ولكن.. لماذا نُحب جُدَّة كُل هذا الحُب؟.. مع أنَّه ليس مطلوباً من العاشق أن يُقدِّم أدلَّة على أسباب عشقه لأن "الحُب أعمى"، كما أن المنطق يَتدخَّل في كُل شيء إلا الحُب والجمال، فلا منطق ولا أسباب لهما!!
جُدَّة تُحَب لأنَّها مدينة مُثيرة، ويكفي أن اسمها والخلاف حوله بين جُدَّة، بالضم أو بالفتح أو بالكسر، أثار نِقاشات وجِدالات، وأنتج كُتباً وتحقيقات.. هذا (ونحن مازلنا في الاسم والعنوان)، والعنوان عند أهل التَّفكيك يُعتبر "عَتبة النَّص" الذي يُؤدي إلى "موجودات النَّص" أَوَحسبك من مدينة يبدأ الخلاف حولها من بوابة الدُّخول فيها!!
الله.. ما أجمل ما قاله القلقشندي في كتابه "صبح الأعشى" حيث عرَّفها بقوله: (جُدَّة بضم الجيم وتشديد الدال المُهملة ثم هاء، وهي فرضة مكة على ساحل بحر القلزم) إذن هي "فرضة مكة" ومن جاور السعيد يسعد!!
ويُبرهن ياقوت الحموي في 466/14 في معجم البلدان على قِدم جُدَّة، مؤكداً على أن البحر رمى سفينة بجُدَّة فتحطمت فأخذوا -قريش– خشبها فاستعانوا به على بناء الكعبة!!
ويُؤكِّد ابن جبير أن جُدَّة (من المُدن التي بنتها الفُرس قديماً)!!
ويَذكر الحميري في كتابه "الروض المعطار" أن جُدَّة من بُنيان الفُرس، وأنَّهم بنوا أسوارها ومساكنها ودورها أتقَن بِناء، وكان –كما يُؤكد الأنصاري– ينزلها ملوك الفُرس والتُّجَّار والقَادمين من الآفاق، فإنَّها محط السُّفن من الهند وعدن، واليمن وعيذاب، والقلزم وغيرها)!!
وفي كِتاب الأصنام لهشام الكلبي أنَّ جنياً قال لعمرو بن لحي: (ايت ضف "ساحل" جُدَّة، تَجد فيها أصناماً مُعدَّة.. وأنَّه جاءها فأخرج الأصنام ووزَّعها على مُدن العرب وقبائلهم) "راجع كتاب الأصنام ص 145"!!
وأخيراً يقول ياقوت الحموي في معجمه: (إن جُدَّة بُنيت من تبلبل الألسنة وتفرُّق الأمم)!!
كُل هذا وغيره.. ممن لا يتسع له مساحة المكان.. أليس حرياً بأن يجعل جُدَّة تُحَب وتُعشَق؟!!
وطالما جُدَّة كما يقول الحموي: "بُنيت من تبلبل الألسنة" فلن تضيق ذرعاً بواحد مثلي؛ من بقايا الحُجَّاج الذين حَجُّوا إلى جُدَّة؛ وطاب لهم المقام فأغزوها مكاناً وديرة، ونسأل الله لها الأمان والخيرة!!.

أحمد عبدالرحمن العرفج
Arfaj555@yahoo.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

لكُلِّ مثابرٍ نصيب.. مِن دأب النجيب!