الخميس، 5 ديسمبر 2019

حتى الكتابة تدركها الغرابة


حتى الكتابة تدركها الغرابة

نَحنُ في رمضَان المبَارك، وهو فَترةٌ زَمنيّة لشُكر الله عَلى نِعمهِ الظَّاهرة والبَاطنة، ونِعَم الله عَلى المَرء -مَهمَا قَلَّت- لا تُعَد ولا تُحصى، ولا يُقدِّر هَذه النِّعم إلَّا مَن فَقَدَهَا، ولذلك سأجعل مِن مقَال اليَوم نَغمة شُكر، أبتَهل بهَا إلى الله الذي أعطَاني فأكرَم العطَاء، ومَنحني فأجزَل السَّخاء..!
ومِن نِعَم الله الظَّاهرة عليَّ؛ نِعمة الكِتَابة والتَّدفُّق فِيها، وإذا أردتُ أن أُفعِّل قَول الله تَعالى: (وأمَّا بنعمةِ ربِّك فحدِّث)، فسأتحدَّث بنعمتهِ قَائلاً: إنَّ مَقالاً كمَقالي في جريدة "المدينة" الغرّاء، لا يَأخذ منِّي أكثَر مِن تسع دَقائق في الكِتَابَة، بَعد استحضَاري لفكرتهِ طَبعاً، وهَذا التَّدفُّق وتلك الخصوبَة في الكِتَابَة جَعَلَت القَلَم مَطلوباً، وهُنَا لابد أن أُدافع عَن نَفسي؛ لمَن يَتّهمني بالانتشَار الكِتَابي، وقَبل اتّهامي يَجب أن يُتَّهم مَن يَستكتبني، فمَا ذَنب قَلمي إذَا كَان بَابه كـ"بَاب الأغنياء"، يُطرق في الصَّباح وفي المسَاء، وآخَر مَن طَرقه صَديقنا الكَاتِب المِصري السَّاخر "مأمون فندي"، حيثُ تَكرَّم عليَّ بإيميل قَائلاً فيهِ أنَّه أصدَر صَحيفة إلكترونيّة في مِصر، ويَرغب منِّي أن أكتُب مَعه مَقالاً كُلّ أسبوع..!
ومَازَال العَرض جَالساً يَشرب الشَّاي عَلى طَاولة التَّفاوض، ومَا هَذا التَّأخير إلَّا بسَبب المفَاوضات المَاليّة، رَغم أنِّي أُردِّد في دُعائي قَائلاً: "اللهم اجعل الدُّنيا في يَدي، ولا تَجعلها في قَلبي".. وإذَا أوغلتُ في التَّحدُّث عَن نِعَم الله الكتابيّة عليَّ سأقول: إنَّني وَقَّعتُ عَقداً كِتَابيًّا مَع صَحيفة "أنحَاء" الإلكترونيّة؛ لأكتُب مَقالاً -كُلّ يَومين- خَاصًّا لجوّال الصَّحيفة، وهَذه تَجربة جَديدة أخوضها في عَالَم الكِتَابَة، وهي تَجربة مُحبَّبة إلى نَفسي؛ بصفتي رَجُلاً كَسولاً، لأنَّهم طَلبوا منِّي أن تَكون المَقَالة بمقدَار (300) حَرف، ولَيس 300 كَلِمَة أو يَزيد، كَما هو الحَال في جريدَتنا الغرّاء "المدينة"، التي تَقسو عليَّ في هَذا العَدَد مِن الكَلِمَات..!
أمَّا في جوّال "أنحَاء"، فالمَقَالة عبَارة عَن ست جُمَل، يَقرأها الإنسَان في جوّاله؛ وهو عند إشَارة مِن إشَارات المرور في مَدينة "بريدة"، التي لا تَطول عَن خمسين ثَانية، بينما في إشَارات جُدَّة -بضم الجيم- ومَع الزّحام الشَّديد، فأنتَ تَستطيع أن تَقرأ سَبع مَقالات؛ مِن تِلك التي أكتُبها في جريدة "المَدينة"..!
حَسناً.. مَاذا بَقي؟!
بَقي القَول: هَذا المقَال بَين أيديكم، أخبروني أين قَرأتموه، هَل في إشَارة مِن إشَارات المرور في مَدينة "بريدة"، أم في إشَارة مِن إشَارات مَدينة "جُدَّة" –بضم الجيم- التي مِِن كثرة ضَمّها ضَمّتنا مَعها، فلَم نَعُد نَستطيع الحركَة بمرونَة..!!!

أحمد عبدالرحمن العرفج
تويتر: Arfaj1
Arfaj555@yahoo.com


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

لكُلِّ مثابرٍ نصيب.. مِن دأب النجيب!