الأربعاء، 27 نوفمبر 2019

الكَلامُ الجَذَّاب في دَهَاءِ الأعرَاب ..!

الكَلامُ الجَذَّاب في دَهَاءِ الأعرَاب ..!

للأعرَابِ في صَحرائهم ذَكاءٌ خَارق، ودَهاءٌ حَارق، وتَصرُّفٌ عَابق، وسلُوكٌ رَائق، ومَن يَتصفَّح كُتب التُّراث -في السَّابق- يُدرك أنَّ هَذا الكَلام حُكمٌ صَادِق..!
وإذَا كَانت كُتب التُّراث قَد نَقلت دَهاء الأعرَاب عَبر التَّاريخ المَاضي، فإنَّنا بحَاجة إلى تَدوين دَهَاء الأعرَاب المُعاصر، لذا سأتطرَّق بَين فَترة وأُختها؛ وأكتب مَا تَيسَّر لي مِن هَذا الدَّهاء وذَاك الذَّكاء، وأتمنَّى مِن القُرَّاء أن يَمدُّونَني بمَا لَديهم مِن هَذه الأشياء..!
خُذ مَثلاً هَذه القصَّة؛ التي رَوَاها البَعض عَن أحَد الأعرَاب، الذي تَقدَّم لإمَامة أحد المَساجد، وعِندَما أرَادت اللجنة أن تَختبر جَودة قِرَاءته ومقدَار حِفظه، استدعَته للاختبَار، حِينَها حَضَر الأعرَابي وأخذ يَستعدّ، ويَسأل مَن يَخرجون مِن الاختبَار عَن نَوعيّة الأسئلة، فقَال لَه الأوّل: إنَّهم سَألوني عن اسمي، فقُلتُ لَهم: اسمي "عمران"، فقَالوا: هَذا جَميل، اقرأ لَنا مِن بداية سورة "آل عمران".. ثُمَّ سَأل المُمتحن الثَّاني عَن وَضعه، وكَيف سَألوه فقَال: سَألوني عَن اسمي، فقُلتُ لَهم: اسمي "يوسف"، فقَالوا: حَسناً اقرَأ لَنا مِن بدَاية سورة "يوسف".. عِندَ ذَاك فَكَّر الأعرَابي واطرق طَويلاً، واستنتَج أنَّ اسمه سيَضعه في اختبَارٍ صَعب، لأنَّ اسمه "إبراهيم"، وعِندَما دَخَل عَلى اللجنة سَألوه عن اسمه، فقَال: اسمي "إبراهيم"، ولكنَّهم يدلّعونني باسم "كوثر"..!
ونَظراً لأنَّنا في شَهر رَمضان، تَقبَّل الله مِنَّا ومِنكم الصِّيام والقِيام، فإنَّ الرّواة يَقولون: إنَّ أهل الصَّلاح قَبضوا عَلى أعرَابي؛ وهو غَير صَائم في نَهار رَمضان، فأخذُوا يَنصحونه ويُذكِّرونه بعَظمة هَذا الشَّهر، وأنَّه شَهر الغُفران والقُرآن، وعِندَما أثقَلوا عَليه بالوَعظ والنُّصح والتَّوبيخ، قَال: لَو كَان شَهر رَمضان كَما تَقولون، لمَاذا جَعل النَّاس لفُراقهِ عِيداً.. لمَاذا يَفرحون بانتهَائهِ..؟! ثُمَّ استَشهد الأعرَابي ببيتِ شِعر لشَاعر الأُمرَاء -لا أمير الشُّعراء- "أحمد شوقي" حِين قَال:
رَمَضانُ وَلَّى هَاتِها يا سَاقِي
مُشتاقَةً تَسعَى إِلى مُشتاقِ
لَيسَت مِن الخَمْرِ الخَبيثِ، وإنَّما
مِن زَمزمٍ، مِن مَائهِ الدَّفَّاقِ
مِن كَوثرٍ فِي بَطنِ مَكةَ جَارِياً
أَصْفَى مِن العبرَاتِ بالأحْدَاقِ
مُزِجَت بدَمْعِ التَّائبِينَ ومِثله
شَوقٌ يَحنُّ لمَهبطِ الأشوَاقِ!!
حَسناً.. مَاذا بَقي..؟!
بَقي القَول: إنَّ دَهَاء الأعرَاب لا آخر لَه أيُّها الأصحَاب، لِذَا شَمّروا عَن سَواعدكم، واكتبُوا مَا ينتجه هَؤلاء البَدو مِن ذَكاءٍ جَذَّاب، ودَهاءٍ مُستطاب..!!!

أحمد عبدالرحمن العرفج

Arfaj555@yahoo.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

لكُلِّ مثابرٍ نصيب.. مِن دأب النجيب!