الخميس، 28 نوفمبر 2019

أفكار قابلة للإزالة عن فن المقالة ..!

أفكار قابلة للإزالة عن فن المقالة ..!

الحَديث عَن الصَّحافة ومَنسوجاتها حَديث ذو فنُون، قَبل أن يَكون ذَا شجُون، ومِن هَذه الفنُون فَن المقَالَة، التي تَمزَّقت مِن جرّاء عَبَث العَابثين بِهَا، وقَبل أن يَكون الحَديث عَن المقَالَة؛ لابد أن نَستعرض السّيرة التَّاريخيّة لهَذا الفَن..!
حَسناً.. بَدأت الصَّحافة عَلى يَدِ الأفرَاد، وكَانت مَادة المقَالة الصَّحفيّة تُشكِّل المُكوِّن الرَّئيسي لَها، ولَم تَكُن في ذَلك الوَقت تُعطي جَانباً كَبيراً للرَّأي أو الخَبَر، إلَّا مَا كَان مِن أخبَار الدَّولة الرَّسميّة؛ التي كَانت تُنشر في تِلك الأيَّام، وقَد كَانت الصَّحافة في ذَلك الوَقت تَتضمَّن المَقالة، التي تُؤثِّر في الرَّأي العَام، بعَكس الآن، حَيثُ لا يُوجد ذَلك التَّأثير الكَبير.. فمَثلاً مَقالات الأستاذ "عبدالكريم الجهيمان" -يَرحمه الله- تَحت عنوَان: "رَأي فَرد مِن الشَّعب"، كَانت قَد تَرَكَت لَها صَدىً كَبيراً عَلى المستوَى الرَّسمي والشَّعبي، وغَيرها مِن المقَالات المُهمّة آنذَاك..!
أمَّا مُعظم المقَالات الآن؛ فأصبَحت تُلاحق الخَبَر ولا تَصنعه، وكأنَّها صَدى بَارد لمَادة حيّة، والصَّحافة لَدينا كَما بَدأت عَلى يَدِ الأفرَاد، كَأنَّها تَعود مَرَّة أُخرى كصَحافة أفرَاد؛ عَبر مَوقع التَّواصل الاجتمَاعي "تويتر"، فمَن يُتابع تَغريدات "خالد المطرفي" و"جمال خاشقجي"، أو "محمود صبّاغ" و"عاصم الغامدي"... وغَيرهم، سيرَى أنَّ هَؤلاء أصبَحوا يَسلكون مَسلك صَحافة الأفرَاد، فهُم يُمرِّرون عَبر حسَابَاتهم في "تويتر" المَعلومَة والخَبَر، بَل ويُشيرون إلى المقَالات التي تَستحق القرَاءة في هَذه الصَّحيفة أو تِلك..!
أمَّا المقَال حَالياً -إلَّا القَليل- فهو يُشبه (مُعلَّبات التّونة)، فأصبَح الآن مَن يَعرف ومَن لا يَعرف يَكتب المقَال، واختَلَطَ الحَابِل بالنَّابِل، ولَم نَعُد نَدري مَن الذي يَكتب ليُحارب الفسَاد، ومَن يَكتب لشَرعنته..!
وأنَا هُنا لستُ ضِدّ أحَد، ومِن حَقِّ كُلّ فَرْد أو فَرْدة أن يُجرِّب نَفسه، ويَأخذ فُرصته في الكِتَابة، ولَكن يَجب أن يُدرك أنَّ كُلّ مِهنة لَها قوَاعد وأصُول، وأسَاليب وفنُون، فإذَا استَكْمَل هَذه الأصُول والفنُون فأهلاً وسهلاً بهِ، ولله در أُستاذنا الكَبير "مصطفى العقّاد" حِين قَال: (إذَا أردتُ أن أكتُب وَرقة، فإنَّه يَجب عَليَّ أن اقرَأ قَبلها ثَلاثين وَرقة)..!
حَسناً.. مَاذا بَقي؟!
بَقي القَول: إنَّ بَعض المقَالات أصبَحَت أصدَاء بَاردة؛ لِمَا يُنشر في "اليوتيوب" و"الواتس أب"؛ وبقيّة قنوَات التَّواصُل الاجتمَاعي، ومَن أرَاد الدَّلالة عَلى ذَلك فليَرجع إلى مَقالات هَذا الأسبوع، وسيَجد أنَّها لَم تَخرج عَن الكِتَابة عَن الجِن، وعَن قضيّة فَتاة المَانيكير..!!!

أحمد عبدالرحمن العرفج
تويتر: Arfaj1

Arfaj555@yahoo.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

لكُلِّ مثابرٍ نصيب.. مِن دأب النجيب!