الثَّراء في أوصَاف النِّساء ..!
مَن يَتجوَّل في شَوارع المُدن السّعوديّة؛ يُدرك عَلى الفَور انتشَار المَشاغل النِّسائيّة، ومَراكز العَمليّات التَّجميليّة، وكُلّ هَذا يُشير بطَريقة مُباشرة وغَير مُباشرة إلى حِرص المَرأة -أو لِنَقُل نون النّسوة- عَلى الجَمَال، ومُتابعة مُوديلاته ومُنتجاته..!
وهُنا لا تَعنيني المَشاغل ومَا يَدور بها، ولا الصَّالونات ومَا يَحدث فيها، وإنَّما يَعنيني البَحث عَن الإنتَاج اللَّفظي الذي أطلَقه العَرَب عَلى الحُسن والجَمَال، ودَرجاتهما، بحيثُ تُوضع هَذه القَائمة مِن المُفردات في كُلِّ صَالون نِسائي، وتُوزَّع عَلى مُرتادَات هَذه الأمَاكن، لتَعرف كُلّ امرَأة مَكانها في سلّم الجَمَال..!
إنَّ المُتصفِّح للسان العَرب ومُفردات اللغة يَجد أنَّ القَاموس كَان دَقيقاً في استعمَال المُفردات، وحَسَّاساً في إطلَاق الكَلِمَات، لذا وَضع العَرَب مَراتب لحُسن المَرأة، حيثُ وَصفوا المَرأة التي تَحمل مَسحة مِن الجَمَال بأنَّها "وَضيئة وجَميلة"، بَينما وَصفوا المَرأة التي تُشبه غَيرها مِن النِّساء –أي إذَا تَشابه بَعضهنّ في الحُسـن، مِثل بَقر بَني إسرَائيل- بأنَّها "حُسَّانة"..!
وطَالما أنَّ مَحلَّات أدوَات التَّجميل في كُلِّ مَكان، ومَاركات المَاكياج تَنتشر في كُلِّ زَمان، فإنَّ العَرَب لا تُحبِّذ أدوَات الزِّينة، وهَذا مِن مَصلحة الأزوَاج، لأنَّهم سيُوفِّرون آلاف الرِّيالات التي تُنفق في أدوَات الزَّخرفة و"الزَّبرقة"، لذَا يَمتدح العَرب المَرأة التي تَستغني عَن أدوَات التَّجميل فيُقال لَها "غَانية"، لأنَّها استغنَت بجَمالها عَن الزِّينة، وبالمُناسبة فقَد جُني عَلى مُفردة "غَانية"، حِين حُرِّفت في مَواضع كَثيرة، وانزَلقت إلى مَناطق تُحرِّف المَعنى، وتُسيء للمَبنَى..!
وطَالما أنَّ النِّساء الكسَالى اللا مُباليات انتشَرن بَيننا مِن أمثَال الرّفلاء وأخوَاتها، فإنَّ العَرَب لَم تُهمل هَذا الصَّنف مِن نُون النّسوة، فقَد أطلَقوا عَلى المَرأة التي لا تَهتم بلبس الثّياب الحَسنة "معطَال"..!
أمَّا الحُسن الثَّابت في وَجه المَرأة كثبُوت الجِبَال، أو كالوَسم في الجبين، فصَاحبة هَذا النّوع مِن الجَمال تُسمَّى "وَسيمة"..!
وإذَا قَسِمَ الله لَها حَظًّا وَافراً مِن الحُسـنِ فهي "قَسـيمة"، أعاذنَا الله وإيَّاكم مِن "سَاهر" و"مواصل"... وغَيرهم ممَّن يَتصيّدون؛ لَيس كُلّ فَاتنة ووَسيمة؛ بَل كُلّ مُخالف ليُجازوه بقَسيمة، وإن كَانت القسمة "ضِيزَى" حَسب كُلّ مُخالف ومُخالفة، ولكَ أن تَتصوَّر أنَّ أعين الرِّجَال كأنَّها كَاميرات تُصوَّب نَحو المَرأة، فإذَا كَان حُسنها حِين النَّظر يَنشر الرّوع، ويَزرع الرَّوعة، فهي رَائعة..!
وإذَا كَانت الغِيرة مُشتعلة بَين النِّساء، كاشتعَال الشَّكوى بين النَّاس، فإنَّ العَرب اختَاروا وَصفاً يُلائم الانبهَار والإبهَار، فأسموا هَذا النّوع مِن النِّساء "بَاهرة"..!
حَسناً.. مَاذا بَقي؟!
بَقي القَول: إنَّ العَرَب عِندَما أطلقوا أوصَاف الحُسن والجَمَال، كَان لَديهم الضَّوابط والمَقاييس، فأطلقوا الاسم عَلى المُسمَّى، وأطلقوا الأقوَال عَلى قَدر الجَمال، والأمثَال عَلى قَدر الأفعَال، بَينما أفرَط العَامَّة ومِن خَلفهم "العرابجة" في وَصف الأُنثى بمُفردات تُشوّه أنوثتها، مِثل: تهبّل، تاخذ العَقل، صَاروخ، إكّة، فلقة قَمَر، تَقول للقَمر قوم وأنا أجلس مَكانك، مَانجا، قشطة، عسّولة، زي اللوز، لُقطة.. إلى آخر هَذه المُفردات المخشوشنة..!
أحمد عبدالرحمن العرفج
تويتر: Arfaj1
Arfaj555@yahoo.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق