الخميس، 28 نوفمبر 2019

الأَفْكَارُ السَّخِيفَة ..!

الأَفْكَارُ السَّخِيفَة ..!

كَأي كَائن حَي، تَعتري الأفكار السَّخيفة هَذه الجُمجُمَة الخَفيفة، ومَن مِنَّا لَم يَمر بذهنه خَاطرة ثَائِرة، أو فِكرَة عَابرة، أو نَظرة مَاكِرة، أو صُورة سَاحرة، أو شَاردة سَاهرة، أو وَاردة عَاهرة!!
وسيَكون القَلم أكثر صَراحة، وأقل وَقاحة، وأكبر مَلاحة، وأصغَر "كَلاحة"، وأَزيد الدِّيوان قَصيدة لأقول: إنَّني -كَغيري- مِن الكَائنات الحيّة والميّتة وما بَينهما؛ مِن الكَائنات اللا حيّة واللا ميّتة، كُنت أَتخوّف مِن الأفكَار السَّخيفة والرُّؤيا السَّطحيّة الخَفيفة التي كَانت تَعبر عَقليتي النَّحيفة!!
كُنت أتخوّف مِن التَّصريح، بَل حَتى التَّلميح، حَتى قَبضت عَلى نَص ثَمين، وكَلام سَمين للزَّميل العَزيز العم "انشتاين" يَقول فيه: "إذا لَم تَكُن الفِكرة في البداية سَخيفة، فليس هُناك أمل فيها"!!
والحَقيقة أنَّ هَذا القَول أعطى القَلم مِسَاحة للبوح ببَعض أفكاري السَّخيفة، التي كُنت في المَاضي أُغطيها بلِباس الخَجل، لذا سأتَّخذ الصَّراحة وَسيلة، وأبدأ بين فَترة وأُختها أُصرّح ببعض أفكاري السَّخيفة!!
ومن هَذه الأفكَار.. أنَّني أنظر بنَظرة رِيبة وشَك إلى بَعض المُسمّيات؛ التي أحياناً تَتناغَم مَع بَعضها في المَعَاني.. أعلم أنَّني لَم أقل شيئاً، لِذَا سأطرح مِِثالاً، علّه يُخرج مَا خَفي، ويُظهر مَا انزَوى!!
لقد كَانت البَرَامج الدّينية في المَاضي بَسيطة في مَعناها؛ سَهلة في مَبناها.. خُذ مَثلاً على تلك البَرامج: "نورٌ على الدّرب".. "مِنكُم وإليكُم".. "الشّريعَة والحَياة".. "يَسألونَك في الدّين":.. "الإفتَاء".. الخ!!
ولكن الآن.. الأسماء اختلفت.. حيث أخذت تتّجه إلى مَعنى آخر مِثل: "حَجر الزَّاوية".. "بِناء المُجتمع".. "البنيان المَرصوص".. الخ، ومِثل هذه المُسميات تتَّفق كثيراً مع سَندها اللفظي مِن أمثال: "القَاعدة".. و"مَعالم في الطّريق".. خَاصّة أن هُناك مَقولة مَشهورة تَقول: "إنَّ الحَجر الذي تَركه البَنَّاؤون، سأجعله حَجر الزّاوية لبِنائي"!!
وبمُناسبة مُفردة حَجر الزّاوية، هِي كَلمة دَخيلة عَلى الثّقافة العربيّة، ولا عَهد لَها بها، بل هي تَرجمة حَرفيّة لكَلمة "Cornerstone" الإنجليزية، ويَا للعَجب.. فحَتى في الأسماء والمُفردات نَحن عَالة عَلى الآخرين، مع أنَّنا نَعتبر أنفسنا "أكثر أهل الأرض فَصَاحة"!!
وإذا أردت التَّوغّل في "فكرتي السَّخيفة".. سأقول: إنَّ المُساهمات العقاريّة كَانت في السَّابق تَدور حول التّفاؤل مِثل: "مُساهمات النّجاح".. "مُخطط الأمل".. "شَركة التَّقدّم".. "مُؤسسة المَشرق".. أمَّا الآن فنَحن إزاء مُسميات مثل: "البُندقيّة".. "كيان".. "دَار الأركَان".. "البِنَاء".. "الأصُول".. و"الطّريق".. الخ!!
أعلم أنَّني أرمي خَارج رَحم المَنطق، وقَد أقول شيئاً غير مَقبول.. يَصل لدرجة السّخافة.. ولكن تَذكَّروا أنَّ العم "انشتاين" -كما أشرت أعلاه- قَال: " إذا لَم تَكن الفِكرة في البداية سَخيفة، فليس هُناك أمل فيها".. لأنَّ الأفكار الكبيرة تَبدأ من فِكرة سَخيفة مِثلما يَتكوّن "المَطر" من قَطَرَات الغيث البَسيطة!!.

أحمد عبدالرحمن العرفج

Arfaj555@yahoo.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

لكُلِّ مثابرٍ نصيب.. مِن دأب النجيب!