الحبر الأصفر
كلمات مسموعة حول كتاب "أفكار ممنوعة"
سَامح الله أصدقَائي الكِبَار، لأنَّهم جَعلوني لَا أحتَمل الصِّغَار، وقَد عَلَّمني شَيخي "عبدالرحمن المعمّر"؛ نَصيحة لَا أنسَاها أَبداً، حَيثُ قَال لِي: (يَا أبَا سُفيان، اعْلَم رَحمكَ الله تَعالى أنَّ مَن يَقرأ للكِبَار يَكبر، ومَن يَقرأ للصِّغار يَصغر).. بَعد أنَّ قَال مَقولته هَذه، فَهمتُ مَعنَى قَول المُتنبِّي: "ومَن رَكب البَحر استَقلّ السَّواقيا"..!
وأنَا فِعلاً عِندَما رَكبت بحُور كُتب الكُتّاب الكَبيرة، بَدَأتُ أستَقل سَواقي صِغَار الكُتّاب، تِلك التي تُحدث ضَجيجاً بلَا فَائدة، في حِين أنَّ البَحر صَامتٌ فِيه كُلّ اللآلئ..!
ومِن هَؤلاء الكِبَار الذين أصحَبهم هَذه الأيَّام، كِتَاب "أفكَار مَمنوعة"، للكَاتِب المِصري الكَبير "مصطفى أمين".. هَذا الكَاتِب -وأَعني مصطفى- كَاتِب كَبير في كُلِّ شَيء، وهو أوّل مَن عَلَّمني أنَّ الكِتَابة فرُوسيّة، بمَعنَى أنَّه مِن العَيب أنْ تَكتب عَن رَجُل؛ لَا يَستطيع أنْ يُدافع عَن نَفسه، مِثل السَّجين أو المُضطهد، أو المَوقوف عَن الكِتَابة لأي سَببٍٍ كَان، لأنَّهم لَا يَملكون حَقّ الرّد، وقَد ذَكر ذَلك في مَقاله المُعنون بـ"لَا أُهَاجم إلَّا الذي فوق الحصَان"، حَيثُ قَال بالحَرف الوَاحِد: (لَا أتحدَّى مُكمّماً أنْ يُجيب، وأنَا أعلَم أنَّه مَقطوع اللِّسَان، ولا أَضرب مَن وَقع عَلى الأرض، فأنَا أُؤمن أنَّ الصَّحافة فرُوسيّة؛ لَا تُهاجم إلَّا الذي فَوق الحصَان! والصَّحَافة لَيست نَذَالة؛ تَضرب في الضُّعفَاء، وتُهاجم المُكمَّمين، وتَتحدَّى المَحرومين مِن حَقّ الكَلَام)..!
وأكثَر مَا أَعجبني حِين قَال في مُقدِّمة كِتَابه المَذكور: (هَذه الأفكَار نُشرت في مِصر؛ وشُطبت في بلدانٍ أُخرَى، أو نُشرت في بلدانٍ أُخرَى وحُذفت في مِصر، وأسبَاب الشّطب تَختلف مِن بَلدٍ عَن بَلد. المَقبول هُنَا مَرفوض هُنَاك. الفِكرَة وَاحِدة إلَّا أنَّها تُفسّر في كُلِّ بَلد تَفسيراً مُختلفاً. وبَعض الأفكَار المَشطوبَة لَا عَلَاقة لَها بالسّياسة عَلى الإطلَاق)..!
حَسناً.. مَاذا بَقي؟!
بَقي القَول: أتمنَّى عَلى كُلِّ صَحفي أنْ يَقرأ هَذا الكِتَاب، حتَّى يُدرك مَقاييس الرَّقيب، وفرُوسيّة الكِتَابة، وشَهامة القَلَم..!!!
أحمد عبدالرحمن العرفج
تويتر: Arfaj1
Arfaj555@yahoo.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق