الحبر الأصفر
تجديد اللغة العربية بالمفردات العامية
بَين الفَترةِ وأُختِهَا، وبَين اللَّحظَةِ وابنَةِ عَمّها، أَعود إلَى مَلعبي المُفضَّل، وأعنِي بِهِ مَلعب اللُّغَة وجذُورها، والكَلِمَات ودَلَالاتها، والألفَاظ وتَاريخها، ونَسبها وأَصلها، وفَصلها..!
وإذَا عُدتُ إلَى هَذا الحَقْل، أُحب أنْ أَستَعْرض الكِتَاب؛ الذي أَعتبره المَرجع الكَبير في تَأصيل العَاميّة، أو لِنَقُل إرجَاع الكَلِمَات النَّبطيّة إلَى أَصلها الفَصيح.. ولَن تَجد في هَذا الحَقل؛ أَوسَع وأَمتَع وأَبرَع مِن كِتَاب "الشَّذرَات"، للشَّيخ أحمد الغزّاوي، الذي يُحَاول أنْ يُعيد بَنَات الكَلِمَات؛ إلَى بيُوت آبَائهنّ اللُّغويّة، فمَثلاً يَقول في كَلِمَة "كويّس" المَشهورة: (كَثيراً مَا يَسْمَع المَرء كَلِمَة "كويّس"؛ مِن أَلسنة العَوَام والخَواص أَيضاً، ويَغلب استعمَالها في اللَّهجَة المِصريّة "الحلوَة الظَّريفَة".. والعَجيب في الكَلِمَة، أنَّها تَعني الطيّب والجَميل، والظَّريف والحَسَن، وكُلّ مَا يُرادف ذَلك في مَدلولها العَام. وهي كَذلك في أَصلها اللُّغوَي، فإنَّها تَصغير "الكيّس"، وهو مَصدر يُقصد بِهِ العَقل والظُّرف، والفِطْنَة والجُود، وحُسن التَّأنّي في الأمُور)..!
مِن هُنَا يَتبيّن أنَّ كَلِمَة "كويّس"؛ جَاءت مِن كَلِمَة "كَيّس"، مِثل "جيّد" و"جويّد"..!
ومِن الكَلِمَات العَامّية التي أَرجَعها الأَديب "أنيس منصور" إلَى أَصْلِهَا الفَصيح، كَلِمَة "استهيَف"، حَيثُ يُقال "استهيَف" فُلان فُلَاناً، أي أنَّه اعتبر تَصرّفاته "هَايفة" وسَخيفة، أو أنَّه أَخَذَ مِنه مَا لَا يَستحق، لِذَا فكَلِمَة "استهيَف" فَصيحَة، وهي أَقْرَب إلَى الاستخفَاف والسُّخرية..!
ومَا يُقال عَن كَلِمَة "استهيَف"، يُقال أَيضاً عَن كَلِمَة "اتْرِزِع"، أي "التَزم بالبَقاء في مَكانك"، ومِثلها أَيضاً كَلِمَة "زقزَقَ"، حَيثُ يُقال "زقزقَ العَقْل"، أي أنَّه جَرى تَنشيطه ليُفكّر بسُرعَة..!
حَسناً.. مَاذا بَقي؟!
بَقي أنْ أُخبركم بسرٍّ مُهم، وهو أنَّني أَفْرَح كُلَّما عَثرتُ عَلى كَلِمَة عَاميّة، أكتَشف بَعد الرّجوع إلَى القَاموس؛ أنَّها بِنت أَصل، وتَرجع إلَى أَب يَنطق بلِسَانٍ عَربي مُبين..!!!
أحمد عبدالرحمن العرفج
T: Arfaj1
Arfaj555@yahoo.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق