القَصيدة التي تَحوَّلت إلى عَصيدة ..!
هَذه رِسَالة جَاءتني مِن صَديق نَبيل مِن أيَّام الدّراسة الجَامعيّة.. أيَّام كُنَّا نَتبارى شِعراً ونَثراً؛ في أروقة مَباني الجَامعة الإسلاميّة في المَدينة المُنيرة، إنَّها رِسالة مِن صَديقي الأديب المُرابط "ولد المجتبى"، ونَظراً لأنَّ رِسالته تَتضمَّن الكَثير مِن المَعاني سأنشرها كَاملة.. وهَذا نَصّها:
حَبيبي أستاذ أحمد.. السَّلام عَليكم: أعتذر لَكم -سَلفاً- عن انقطاع ردودي عَلى مَراسيلكم.. فقَد كَثُرت -كثَّر الله مِن أمثالكم- كَما تَكاثَرت الظّباء عَلى خراش.. لَكن الذي أستنتجه، أنَّك أيُّها العَرفجي قَد أشعلتَ السَّاحة، وشَغلتَ العقُول والألسنة، والأقلام كَذلك، فأصبحتَ في زَمانِكَ هَذا مِثل المُتنبِّي -وأنت شَاعر- فمَلأتَ السَّاحات والصَّوالين وشَغلتَ النَّاس..!
رَأيك الحُرّ -يا أحمد- وسُخريتك الذَّكيّة، سَوف لَن تَترك لَك صَديقاً -كَما صَنَع الحَق مَع عُمر- رَضي الله عَنه، لكن هَذه ضَريبة الشُّهرة، والأعمدة والشَّاشات يا أيَّها الشَّاعر أحمد، وفي اعتقادي أنَّك مَظلوم أحياناً، وظَالِم أحايين..!
حَسناً.. مَاذا بَقي..؟!
بَقي أن أُهديك قَصيدة مِن قَصائد زَمن الشَّباب، لعلكَ تَعيش أجواءَها الحَالِمَة، فتُنسيك الأجوَاء المُلبَّدة بغيوم الكَراهية والمَاديّة، وحُب الذَّات والرَّأي وبُغض كُلّ جَميل.. وأتركك مَع القَصيدة، ولكَ تحيّاتي ودَعواتي..
"ضريح"
تَسألني تُريد أن:
أبوحَا...
أقولَ قَولاً صَائباً
صَريحا...
وأصفَ الحسن الفَريد مِنها
حتَّى أكون شَاعراً
طَموحا...
تَقول لي: صِفْني
وأنتَ شَاعرٌ...
أحبّه قصيدكَ
الفصيحا
وأرسلتْ بأثْرِ ذاكَ
سهماً
قد خَرَقَ الحدود
مُستبيحا
لحُرمتي وبعثرتْ هدوئي
وكدتُ في صَمتيَ أن...
أنوحا
يا غادةً قد هيَّجَتْ
شجوني
وصدَّعتْ فؤاديَ الجريحا
لقد أَثَرْتِ كامناً
بقلبي...
وكان
نَسْياً
مهملاً
طَريحا
صَديقتي:
لو تَسكنين قَلبي
وجَدْتِه لم يك
مُستريحا
وجدتِ في جدرانه سِهاما
وشوكةً...
يَكاد أن يَصيحا
وخِنجَرا وحَفْنَتيْ
رماد
وحُفرةً ومذبحا فسيحا
وأعْظُماً لهيكلٍ قديمٍ...
هَل كَان قَلبي في الهَوى...
ضَريحا؟!
حَسناً.. مَاذا بَقي..؟!
بَقي القَول: أيُّها الصَّديق النَّبيل، لقد قَدَّمتُ استقالتي مِن الشِّعر مُنذ سنين، وطبعاً بُناءً عَلى طَلبي، وقَد تَم قبول الاستقالة مِن المَقام السَّامي لدولة الشِّعر، لذلك أتمنَّى أن يَتصدَّق عليَّ أحد القُرَّاء، طَالما أنَّ الشِّعر بالشِّعر، والرّواية بالرّواية، والقصّة بالقصّة، والحروف قصاص..!.
أحمد عبدالرحمن العرفج
Arfaj555@yahoo.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق